هلا الحاج حسن – بعلبك
افتتحت “لجنة مهرجانات بعلبك الدولية” موسمها لهذا الصيف، بحفل غنائي احيته الفنانة المتألقة سمية بعلبكي، برفقة المايسترو والمخرج الموسيقي لبنان بعلبكي وجوقة “سيدة اللويزة” التي تضم 40 عازفا، وكورس مؤلف من 20 فنانة وفنانا.
أقيم الحفل على مدرجات معبد باخوس في قلعة بعلبك الأثرية، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلاً بوزير السياحة في حكومة تصريف الاعمال وليد نصار، الذي مثل أيضاً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وفي حضور وزراء الإعلام والثقافة والاتصالات في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، محمد وسام المرتضى و جوني القرم، النواب: غازي زعيتر، ينال صلح وسامر التوم، محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، العميد محبوب عون ممثلاً قائد الجيش العماد جوزاف عون، وزراء سابقين، رئيسة اللجنة نايلة دي فريج، الفنانين عبد الحليم وعمر كركلا، الشاعر طلال حيدر، نائب رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل، وغصت المدرجات بحوالي 2200 من محبي الليالي اللبنانية.
عون
واعتبر الرئيس العماد ميشال عون في رسالة كان قد وجهها إلى لجنة المهرجانات أنه “مذ كانت، في فجر التاريخ، وبعلبك أعجوبة الجمال. هي دخلت ذاكرتنا الجماعية كذلك، واستقرت في الروعة، هناك حيث الكلمات تبقى عاجزة عن الصورة، والصورة مقصرة في الدهشة”.
وتابع: “آلاف سنوات، وبعلبك هي هي تلك الرسالة التي من عظمة، إلى أن تصادقت والموسيقى فازدانت افتتانا وزادت استقرارا في الخيال الذي منه وبه ومعه كبرت رسالة لبنان باني الجمال”.
وأضاف: “صيفا بعد صيف، كانت مواعيدها، وإليها صعود الكثيرين كمن يأبى إلا أن يعبر إليها من ضجيج العالم وفراغات لحظاته الهاربة ليستزيد رسوخا ، نورا، ولحنا، وشعرا، ورقصا. صیف 2022، نعود إليها وتعود إلينا، بعلبك، والوطن متعب، والعالم مثقل. تعالوا إليها، هذا الصيف، لتجدوا أنها فعل التحدي بالجمال”.
وختم الرئيس عون في رسالته: “تعالوا اليها، كبارا في حنينها، وشبابا لريعان تألقها، وفيها انشدوا نشيد لبنان. للجنة مهرجانات بعلبك الدولية، وداعميها وللمتطوعين لأجلها، بعلبك- العودة الدائمة، الشكر وتحيات التقدير، ولنجوم برنامجها هذا العام، ذروة التحدي إبداعكم الذي سيسطر لبعلبك صفحة جديدة من العجب، مع المحبة”.
دي فريح
وبدورها أكدت دي فريج في كلمة الافتتاح أن “كل واحد منا مر خلال السنوات الأخيرة بأوقات عصيبة للغاية، سواء بسبب الأزمة الصحية، أو الانهيار الذي شهدته البلاد، أو الانفجار المروع الذي هز مرفأ بيروت ومحيطه. ونتيجة لذلك فقد الكثيرون منا رغبة العيش، لكن رغم ما حدث، يمكن لكل واحد منا، عائلة، مؤسسة، أن يجد في نفسه طاقة لاعادة الحياة يتشاركها مع الطاقة الإبداعية التي أردنا ان ننشرها من خلال الآخرين”.
وقالت: “هذه هي مهرجانات بعلبك، لنبقى صامدين. نعلم اننا لن نزيل البؤس الذي يحيط بنا، ولن نحل المشاكل الوجودية التي يتخبط بها البلد. نحن هنا، لإضاءة شرارة أمل، وإطلاق صرخة. والليلة ستعيد مطربتنا المتألقة سمية بعلبكي والمايسترو لبنان بعلبكي، يرافقهما العديد من الفنانين، إحياء تراثنا الموسيقي التقليدي الذي نتشبث به بقوة، ويوم الأحد سنلتفت إلى المستقبل من خلال تشجيع إبداع المواهب اللبنانية الشابة. وقد اخترنا فرقة الروك – بوب الناجحة أدونيس لتجسيد هذا الجيل الجديد. أما الحفلتين الموسيقيتين التاليتين ستجمعان معا تعابير فنية آتية من بلدان أخرى، لأن دورنا هو أيضا حماية الحوار وتنوع الثقافات”.
وتابعت: “لقد كانت بعلبك ومعابدها مهدا لمهرجانات الشرق الأوسط، ويجب أن تكتب لها الديمومة. وهنا أريد أن أشكر الراعي الاساسي للمهرجان شركة CMA CGM، وراعي هذه السهرة مؤسسة سعد الله ولبنى الخليل وجميع المساهمين الذين بفضل مساعدتهم نستطيع أن نفتتح اليوم مهرجانات بعلبك لموسم 2022 والشكر أيضاً لأهالي بعلبك لتعاونهم معنا”.
وأضافت: “لن نكون وحدنا من يطلق صرخة حب الحياة هذه، إذ أن العديد من البلدات والقرى في لبنان ستحيي مهرجاناتها أيضا ليتردد صداها إلى اللا نهاية، وكلنا أمل بأن تسمع كل هذه الأصوات من قبل أولئك الذين لديهم القدرة على إحياء الوطن”.
وختمت دي فريج: “الآن دعونا معا، ننظر إلى النجوم، ونحلم خلال هذا الحفل بلبنان الذي نتوق إليه”.
الأمسية
واستهل الحفل الذي تولت “الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب” إضاءة الطرقات المحيطة به وبالموقع الأثري بواسطة مولدين بددا بقعة من العتمة التي تلف أحياء مدينة بعلبك نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، بالنشيد الوطني اللبناني، وافتتاحية مع الجوقة والكورس برفقة “فرقة المجد” بقيادة مصمم رقصاتها الفنان المبدع خالد النابوش الذي امتاز بتنوع “كوريغرافيا” مشهدية لمدة 17 دقيقة، نهلت حركاتها من خوابي التراث البعلبكي المعتقة في أداء خطوات دبكة “الشمالية” و” العسكرية” المتكئة على طيف شيخ الدبكة “أبو يحيى” الذي لطالما رقص شارباه طرباً مع تمايل جسده المفعم بالحيوية، مع توليفة حداثة استنبطت رشاقة ميدانها مسرح باخوس، واستقطبت طيور السنونو المحلقة فوق الراقصين، انطلاقاً من هياكل آلهة الرومان. وفي الخلفية أعمدة “جوبيتر” الستة استرقت النظر والسمع طوال الأمسية التي امتعت بها سمية البعلبكي الحضور الذي تفاعل معها تصفيقا وآهات إعجاب، لمختارات من روائع عمالقة المسرح الغنائي اللبناني أمثال وديع الصافي وصباح، ومن عنديات أغنياتها الخاصة.
وكرت السبحة في مقطوعات تكمل الصورة التي رسمتها للمكان كلمات موريس عواد، والحان وليد غلمية، واداء شحرورة الوادي، “قلعة كبيرة وقلبها كبير”: غنتها بعلبكي التي تألقت بفستانها الأبيض الشرقي الطراز: “قومي لعبن يا البنات”، “يا ظريف الطول”، “على دلعونا”، “عتابا وميجانا”، “عيناك يا ريم الفلا”، “يا غزيّل يا بو الهيبة”، “يسلم لنا لبنان”، “موال بلادي من السما”، “لالالاه عيني يا لالالاه، يا جمال بلادي يا جمالها”، “لح حلفك بالغصن يا عصفور”، “مهما يمر عليّ من محنٍ عيناك باقيتان لي وطني”، “إمرأة شرقية”، “على رمش عيونها”، و”بعل اللي كان بحبها ملبك، بدو هدية للشمس، عمرلها بعلبك” للشاعر طلال حيدر.
وتخلل الأمسية مدلي رحباني مع الكورس: “أؤمن”، “إيماني ساطع”، “راجع بصوات البلابل”، وعودة لسمية مع “يمكن لأنك هيك”، ومسك الختام مع الطرب الأصيل تحية لكوكب الشرق “أم كلثوم” وقصيدة الشاعر جورج جرداق “هذه ليلتي”، من ألحان الموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب، والتي كشفت عن خامة صوتية ماسية من الطراز الأول للفنانة بعلبكي.