اعتبر الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله أن “لبنان أمام فرصة ذهبية قد لا تتكرر، وقد تكون الوحيدة ليستخرج لبنان نفطه وغازه، من أجل معالجة أزماته الإقتصادية والمعيشية والحياتية”.
جاء ذلك خلال احتفال مركزي حاشد أقامه “حزب الله” في مقام السيدة خولة في بعلبك، إحياء لذكرى أربعينية الإمام الحسين، وغصت بالمشاركين بقاعات المقام ومحيطه، والساحات والطرقات المجاورة له.
وتقدم الحضور النائبان إبراهيم الموسوي، وإيهاب حمادة، الوزير السابق الدكتور حمد حسن، الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك، المعاون للأمين العام حسين الموسوي، رئيس المجلس السياسي ل”حزب الله” السيد إبراهيم أمين السيد، مسؤول منطقة البقاع الدكتور حسين النمر، الأمين العام ل”حزب البعث العربي الإشتراكي” علي يوسف حجازي، وفاعليات سياسية ودينية وبلدية واختيارية واجتماعية.
وبعد المسيرة، والمجلس العاشورائي، أطل السيد نصرالله عبر الشاشة، مشيرا إلى أنه “من أهم عبر ذكرى الأربعين ان المؤمن مهما كانت المصائب والمصاعب، ومهما أحاطت به الظروف القاسية، لا يمكن أن يضعف أو يستسلم أو أن يظهر أي علامة من علامات الخضوع والذل”
وتابع: “في تلك المواقف التي شهدناها في موكب الأحزان يتعلم الإنسان أن المؤمن لا يمكن ان ييأس، بل ينظر بعين الله إلى كل الأيام والسنين والقرون القادمة، ولا يمكن أن ينتهي الأمل لأنه ينطلق من الثقه بالله سبحانه وتعالى وبوعده، هكذا كانت زينب وهي خطيبة في بعض المنابر في موكب الأحزان، والأهم عندما وقفت في مجلس يزيد بن معاوية في قصره وأمام جنوده، وهي المرأة التي قتل أحباؤها وأخوتها وابناؤها وأبناء أخوتها وأبناء عمومتها وأصحاب أخوتها، وهي المرأة الاسيرة المسبية منذ أسابيع من مدينة إلى مدينة، وهي المرأة التي تقف وأمام عينيها بين يدي يزيد رأس الحسين عليه السلام، يعني رأس إمامها وقائدها في البعد العقائد والسياسي والجهادي والديني، ويعني رأس أخيها ابن أمها وأبيها بالبعد العاطفي والانساني والعائلي، ولكنها قالت كلمات فوق كل هذه الاعتبارات والحسابات التي تهتز لها الجبال، القت خطبة قوية وقاسية جدا بحق يزيد وما اقترفته يداه، وفيها من التهديد والوعيد، ولكن أقف عند الأسطر الأخيرة التي هي الأمل والثقة والنظرة إلى المستقبل، واليقين بالنصر، وبهزيمة يزيد ومشروعه، عندما قالت له في آخر الخطبة: إلى الله المشكى، وعليه المعول، فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا”.
ورأى أن “ما نتعلمه من زينب عليها السلام في مثل هذه الأيام أن لا مكان للإستسلام ولا مكان للتراجع ولا مكان للهوان ولا مكان للضعف”.
وأشار إلى أن “أكثر من 20 مليون زائر في العراق يمشون إلى الحسين عليه السلام في هذه الأيام، وفي الحر الشديد، والمواكب تتوالى على مدار الساعة هذه الظاهرة عظيمة جداً وكبيرة جداً. 20 مليون زائر يعني 20 مليون قلب يخفق حباً وشوقاً للحسين عليه السلام. وزيارة الأربعين ليست ممولة من دول ولا أحزاب ولا جهات أخرى بل كلها حب وعشق للإمام الحسين. مسيرة الأربعين في العراق التي شارك فيها 20 مليون زائر هي غير مسبوقة في التاريخ من حيث عدد الحشود، رغم درجات الحرارة الخمسينية هي أشبه بالمعجزة، هناك مشهد تاريخي في العراق من حيث عدد الحشود الهائل والضخم يتم تجاهله دولياً. والشعب العراقي، أهل الكرم وأهل الجود والضيافة، كانوا في خدمة الزوار، من جميع الأعمار والفئات ويتشرفون بخدمة زوار الإمام الحسين عليه السلام، كل ذلك ووسائل الإعلام تتجاهل هذا الحدث”.
وتوجه بالشكر إلى الشعب العراقي وكل المرجعيات “على عظيم الكرم والجود والضيافة والتواضع والمحبة التي يظهرونها لزوار الإمام الحسين عليه السلام. وأتوجه بالشكر إليكم للمشاركة في هذه المسيرة المباركة. كل المحاولات في التاريخ فشلت في منع الزيارة الأربعينية، لا بالسيارات المفخخة ولا بأي طريقة”.
واستحضر ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي حصلت في أيلول عام 1982، فقال: “الذي ارتكب المجزرة معروف للبنانيين وللفلسطينيين والعالم، العدوالإسرائيلي كان من المشاركين في مجزرة صبرا وشاتيلا، ولكن المنفذين الأساسيين كانوا من الجهات اللبنانيّة المعروفة، والتي كانت متعاونة ومتحالفة مع العدو الإسرائيلي في اجتياح 1982، هي المسؤولة عن هذه المجزرة بالتعاون مع العدو الإسرائيلي، سقط في تلك المحزرة نحو 1900 شهيد لبناني، وما يقارب 3500 شهيد فلسطيني، وما بين 300 و500 مفقود الأثر، وقد تكون مجزرة صبرا وشاتيلا أكبر وأعظم وأبشع مجزرة ارتكبت في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والغالبية الساحقة من الذين قتلوا مدنيون وغالبيتهم من النساء والأطفال”.
وقال: “يتحدثون عن الإفلات من العقاب، وأعظم مجزرة في صبرا وشاتيلا، ارتكبتها جهات لبنانية كانت تتعامل مع العدو الإسرائيلي، لم يحاسبها أحد، ولم يسألها أحد، وبقيت الجثث لأيام لا يستطيع أحد أن يقترب من المخيم، أليست هذه وقائع وحقائق؟ وما ذلك اليوم “بيطلعلنا حدا بيقول بيشبهونا وما بيشبهونا، وبيشبه ا لبنان وما منشبهكم، ما بتشبهونا وما منشبهكم والحمد لله رب العالمين” واليوم هناك نغمة جديدة هذا لبناننا وهذا لبنانكم، وأنا أقول للذين ارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا، هذا بعض من لبنانكم، هذا بعض مما اقترفته أيديكم، هذه صورتكم الحقيقية”.
وتابع: “كل فترة يتحدثون عن ثقافة الحياة وثقافة الموت عند كل مناسبة. ثقافة الموت هم الذين ارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا، وثقافة الحياة هم الذين حرروا الجنوب، ودخلوا إلى الشريط الحدودي ولم يقتلوا دجاجة، ولم ينتقموا من أحد”.
وأضاف: “من مناسبات أيلول المجزرة بحق من تظاهر في 13 أيلول على طريق المطار، “وهذه مجزرة فينا لحالنا”، بحق الذين كانوا من القلة التي خرجت لتندد باتفاقية أوسلو. واليوم غالبية الشعب الفلسطيني وصلوا إلى قناعة أن طريق المفاوضات لم يؤد الى نتيجة، والخيار الوحيد أمامهم هو المقاومة. الضمانات الأميركية لم تحم لا اللبنانيين ولا الفلسطينيين في مجزرة صبرا وشاتيلا ولا في غيرها، ومن يقبل الضمانات الأميركية ويسلم سلاحه، هو كمن يقبل بتسليم رقاب الرجال والنساء والأطفالهم وحتى الأجنة للذبح والقتل. لذلك نجد أن خيار غزة هو خيار الصمود والثبات، ونجد الصفة ترعب العدو الذي يقاتل اليوم جيل شباب فلسطين الذين راهنوا عليه بأنه جيل الانترنت والفيسبوك، جيل الشباب الذين راهنوا أنهم سينسون القضية الفلسطينية. نتوجّه بأسمى التحايا إلى الشباب الفلسطيني بعامة، وشباب الضفة بخاصة، ونعبر لهم عن تقديرنا واحترامنا لشجاعتهم وتمسكهم بقضيتهم وحضورهم في الميدان”.
وأشاد نصرالله بالبيان الأخير الذي أصدرته حركة “حماس” حول إعادة العلاقات مع سوريا، واعتبر أنه “موقف متقدم جدا، سوريا كانت دائماً وستبقى السند الحقيقي لفلسطين والقدس والشعب الفلسطيني، وإن أولوية فلسطين والقضية الفلسطينية والمواجهة مع العدو هي التي يجب أن تحكم كل المواقف. وسوريا التي يجب أن تعزز العلاقات معها من قبل الجميع، هي التي كانت دائما منذ قيام الكيان الغاصب، وستبقى السند الحقيقي لفلسطين والقدس وللشعب الفلسطيني، واليوم تتعرض سوريا للمخاطر من الخارج والداخل بسبب موقفها والتزامها القضية الفلسطينية وقضية المقاومة”.
وأكد أن “المقاومة هي السبيل الوحيد لاسترداد الحقوق وليس التوسل، وما نريده اليوم في منطقتنا أن تتوحد كل قوى المقاومة، لأن المقاومة هي الأمل الوحيد ليستعيد اللبنانيون والفلسطينيون والسوريون أراضيهم ونفطهم وغازهم وكرامتهم، ليس بالاستجداء ولا بالتمني، وإنما من موقع القوّة والعزة والكرامة والأنفة، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال السواعد المترابطة والقوية”
وتطرق إلى ملف ترسيم الحدود البحرية، فرأى أن “لبنان أمام فرصة ذهبية قد لا تتكرر، وقد تكون الوحيدة ليستخرج لبنان نفطه وغازه، من أجل معالجة أزماته الإقتصادية والمعيشية والحياتية”.
وأعلن: “لا يمكن أن نسمح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش المتنازع عليه، قبل أن يحصل لبنان على مطالبه المحقة، المسؤولون الصهاينة قالوا بأن الإستخراج من كاريش سيحصل في أيلول ولكنهم أجلوا، الخط الأحمر بالنسبة إلينا هو بدء استخراج الغاز من كاريش، إذا بدأ الاستخراج وقع المشكل، ولقد أرسلنا رسالة بعيدا من الاعلام، بأننا أمام مشكل اذا بدأ الاستخراج. هدفنا أن يتمكن لبنان من استخراج النفط والغاز وهذا الملف لا يتصل بأي ملف آخر، وكل تهديدات العدو لا تؤثر فينا ولا تهز شعرة من لحيتنا او رأسنا، المفاوضات شأن الدولة اللبنانية، نحن نواكب المفاوضات التي تقوم بها الدولة، وعيننا على كاريش وصواريخنا على كاريش”.
واعتبر السيد نصرالله أن “قرار مجلس الأمن الأخير المتعلق باليونيفل فيه اعتداء وتجاوز على السيادة اللبنانية، وهو علامة على ترهل وغياب الدولة اللبنانية، المسؤولون الأساسيون قالوا ليس لنا علماً، لم نستطع أن نعرف من هو المسؤول، ولكن من فعل ذلك من اللبنانيّين هو إما جاهل أو متآمر، لأن هذا القرار يفتح الباب أمام مخاطر كبيرة في منطقة جنوب الليطاني وليست من مصلحة لبنان على الإطلاق”.
وأردف: “إذا أرادت اليونيفل أن يتصرفوا بعيدا من الجيش اللبناني فإنهم يدفعون الأمور الى ما ليس لمصلحتهم وليس لمصلحة لبنان على الإطلاق، ونحن نشجع على أن تفي اليونيفل بما قطعته على نفسها في بيانها الأخير”.
وأعرب عن أمله بأن “يتمكن فخامة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من تُشكيل الحكومة في وقت قريب، واليوم لدينا آمال كبيرة في هذا المجال، يجب حكما أن تشكل حكومة، لا يجوز أن نصل إلى وقت لا سمح الله يكون هناك فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال، وينقسم البلد حول حق حكومة تصريف الأعمال في القيام بمقام الرئيس أو لا، وندخل في نوع من أنواع الفوضى. المسؤولية الكبرى اليوم تتطلب من الجميع التنازل هنا وهناك، والعمل بصدق وجهد لتشكيل حكومة قبل ذلك الموعد، وإذا أمكن في الأيام القليلة المقبلة”.
وشدد على “أهمية إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري”، وقال: “نسمع الكثير من التهديد والوعيد والتحدي، وهذا لا طائل منه، وهناك دعوات للاتفاق حول رئيس، نحن نؤيد الدعوات إلى الإتفاق حول رئيس، وان يكون هناك لقاءات للحوار بعيدا عن التحدي وعن الفيتوات التي تطلق مسبقا، وفي نهاية المطاف يجب العمل بأن ياتي رئيس بأكبر قاعدة ممكنة سياسية ونيابية وشعبية ليتمكن من القيام بدوره القانوني والدستوري”.
وختم نصرالله بالحديث عن ملف المصارف، مؤكدا أنه “لا يكفي المعالجة الأمنية فقط، بل هناك ضرورة لإنشاء خلية أزمة لإيجاد حلول حقيقية لهذه المسألة”.