قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين ابراهيم طه في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة التاسعة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في نواكشوط: “أتقدم بخالص التهاني للجمهورية الإسلامية الموريتانية على استضافتها ورئاستها لهذه الدورة، متمنيا لها النجاح والتوفيق. كما أعبر عن فائق التقدير لجمهورية باكستان الإسلامية على رئاستها للدورة الثامنة والأربعين”.
اضاف: “يطيب لي أن أجدد التعبير عن فائق تقديري وامتناني للمملكة العربية السعودية بصفتها دولة مقر منظمة التعاون الإسلامي ورئيس الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية، لما تقدمه من دعم سخي للمنظمة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حفظهما الله.
وأجدد تعازينا الصادقة وتضامننا مع تركيا وسوريا على إثر الزلزال الذي ضرب عدة مناطق بهما خلال الشهر الماضي، مناشدا تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لهما”.
وتابع: “تنعقد هذه الدورة في ظل ظروف وتطورات خطيرة تشهدها قضيتنا المركزية، قضية فلسطين والقدس الشريف، جراء تصاعد وتيرة جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة في ممارسة القتل والإرهاب المنظم ومواصلة سياسة الاستيطان الاستعماري وتهويد مدينة القدس، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى المبارك، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. إن هذه التحديات الخطيرة تستدعي توحيد مواقفنا ومضاعفة جهودنا من أجل إستنهاض مسؤولية المجتمع الدولي تجاه وضع حد للجرائم والانتهاكات الإسرائيلية، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، عبر آليات العدالة الدولية المتاحة، وكذلك دعم الجهود لإعادة إطلاق عملية سياسية متعددة الأطراف لتحقيق رؤية حل الدولتين، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية”.
وقال: “في افغانستان تتابع المنظمة عن كثب التطورات وتنفيذ القرارات الوزارية ومخرجات اجتماع اللجنة التنفيذية الذي انعقد في يناير الماضي. وفي هذا السياق قام مبعوثي الخاص الي أفغانستان، السفير طارق علي بخيت، بزيارة افغانستان الاسبوع الماضي حيث التقى في كابل وقندهار بقيادات من سلطات الأمر الواقع نقل فيها رسالة المنظمة ودولها الاعضاء تجاه التزام الدول الاعضاء بدعم افغانستان على الصعيد الانساني وأهمية إعادة النظر في القرارات الأخيرة التي اتخذتها سلطات الأمر الواقع الأفغانية بخصوص تعليم الفتيات وعمل المرأة وضرورة بذل المزيد من الجهود لمكافحة الارهاب بشتى اشكاله وصوره. ولا تزال سلطات الأمر الواقع تطالب بمنحها بعض الوقت لمراجعة المناهج الأكاديمية والبيئة الآمنة لتعليم الفتيات. ونؤكد في هذا الصدد التزام منظمة التعاون الإسلامي التام بدعم حق المرأة في افغانستان في التعليم والعمل اتساقا مع مبادئ الدين الاسلامي الحنيف”.
اضاف: “ستواصل المنظمة جهودها والحوار مع الجهات المعنية في افغانستان وسترسل بالتنسيق مع مجمع الفقه الاسلامي الدولي فريقا موسعا من العلماء الى أفغانستان للحوار حول الجوانب المتعلقة بموقف الاسلام من تعليم المرأة وعملها. من جهة اخرى، ستتواصل مساعداتنا الانسانية لأفغانستان من خلال مكتب المنظمة في كابل وذلك بالتنسيق مع مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الإنسانية. ونثمن عاليا الجهود التي يبذلها البنك الاسلامي للتنمية من خلال الصندوق الاستئماني لدعم أفغانستان، وندعو الدول الأعضاء الى تقديم التبرعات للصندوق لتمكينه من توفير الدعم الإنساني والتنموي للشعب الأفغاني”.
وتابع: “بخصوص قضية جامو وكشمير، فإن منظمة التعاون الإسلامي ملتزمة بالدفاع عنها. وتواصل الأمانة العامة ومبعوثي الخاص الى جامو وكشمير، السفير يوسف الضبيعي، تنفيذ خطة العمل التي اعتمدها فريق الاتصال المعني بجامو وكشمير خلال اجتماعه بإسلام أباد على هامش الدورة 48 لمجلس وزراء الخارجية. وفيما يتعلق بمسألة ناغورنو كاراباخ، فإننا سنواصل دعمنا لجمهورية أذربيجان في الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها وحل النزاع وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي. كما سنواصل دعمنا للحوار وللجهود المبذولة لتحقيق السلم والأمن والاستقرار والتنمية في اليمن وسوريا والسودان وليبيا ودول الساحل وحوض بحيرة تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق وغينيا وبوركينا فاسو بما يستجيب لتطلعات شعوبها. ونثمن كل الجهود والمساعي لدعم وحدة العراق وسلامة أراضيه وإعادة الإعمار”.
وقال طه: “يتصدر الوضع في الصومال اهتمامات منظمتنا، لذلك أوفدت الأمانة العامة في مطلع هذا الشهر وفدا رفيع المستوى الى الصومال حيث عقد اجتماعات هامة مع القيادات الحكومية. وأنتهز هذه الفرصة السانحة لأشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة الصومالية للقضاء على الإرهاب وتوفير الخدمات في المناطق المحررة من قبضة حركة الشباب، وأهيب بالدول الاعضاء وجميع مؤسسات التمويل الاسلامية تقديم كل ما يلزم من دعم لمساعدة الحكومة في تحقيق الاستقرار والتنمية في هذه المناطق ولمواجهة الاثار السلبية الناجمة عن كارثة الجفاف الذي ضرب اقاليم البلاد المختلفة. كما ادعو المجتمع الدولي الي رفع حظر السلاح المفروض على الصومال لدعم جهود الحكومة في فرض الأمن في جميع انحاء البلاد”.
أضاف: “أود الإشارة مجددا الى الموقف الرسمي للمنظمة فيما يتعلق بقضايا البوسنة والهرسك وقبرص وتراقيا الغربية وكوسوفو والذي يستند الى قرارات مجلس الوزراء ذات الصلة. وفي إطار متابعة أوضاع المجتمعات والأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء فإننا نعتزم مواصلة الحوار البناء والمساعي لدى سلطات تلك الدول للحفاظ على حقوق وكرامة تلك المجتمعات. وبخصوص مجتمع الروهينجيا المسلم في ميانمار، فإن التقدم الذي تشهده الدعوى التي قدمتها غامبيا أمام محكمة العدل الدولية ضد ميانمار تعد خطوة بارزة في الجهود لتحقيق العدالة والمساءلة للروهينجيا وحماية المتبقين منهم داخل ميانمار. وإذ نثمن مساهمة عدد من الدول الأعضاء وصندوق التضامن الإسلامي في تأمين الموارد المالية التي تتطلبها القضية، فإننا نتطلع الى مساهمة الدول والمؤسسات الأخرى. كما نرحب بالتعاون مع الأمم المتحدة ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى ميانمار والشركاء الدوليين الآخرين لحماية حقوق الروهينجيا.
وستواصل منظمتنا، وبدعم دولها الأعضاء، جهودها لتعزيز قدراتها في مجالات السلم والأمن وفض النزاعات والوساطة وملاحظة الانتخابات في الدول الأعضاء، وكذلك مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف الذي يؤدي الى الإرهاب ومظاهر الكراهية ضد الإسلام والمسلمين. وان احياءنا اليوم معا للذكرى الأولى لليوم الدولي لمناهضة الاسلاموفوبيا، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو مناسبة سانحة لزيادة الوعي حول هذه الظاهرة الخطيرة وتعزيز الحوار والتفاهم والتعايش”.
وتابع: “في المجال الإنساني، فإن تقريري أمامكم يعكس العمل المتنامي لمنظمتنا. وأود أن أشكر جميع الدول الاعضاء ومؤسسات المنظمة وشركاءها على دعم هذا العمل. ونسعى الان الى تعزيز وجودنا ونشاطنا في منطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد من خلال مكتبنا الاقليمي في نيامي ونرتب لعقد مؤتمر المانحين اتساقا مع قرار مجلس وزراء الخارجية ذي الصلة. وفي هذا الصدد، أشيد بعرض المملكة العربية السعودية استضافة المؤتمر، وذلك في إطار دعمها المعهود للتضامن الاسلامي وحرصها على مساعدة دول المنطقة على مواجهة التحديات المختلفة”.
واردف: “في المجال القانوني والتأسيسي، تم عقد عدة اجتماعات لفريق الخبراء الحكوميين ورد ذكرها في تقريري المعروض على انظاركم. ويجدر التنويه بالخصوص الى اقرار اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الفساد خلال الاجتماع الوزاري لأجهزة المعنية بمكافحة الفساد في الدول الأعضاء المنعقد في جدة يومي 20-21 ديسمبر 2022. وأود الإشارة الى انه وبعد أن دخل الميثاق حيز النفاذ وكذلك بعض الاتفاقيات والأنظمة الأساسية، إلا أن الاستفادة القصوى من تلك الاتفاقيات والأنظمة تتطلب مصادقة جميع الدول الأعضاء عليها، كما أن بعض الاتفاقيات والأنظمة الأساسية الهامة ما زالت تنتظر اكتمال العدد المطلوب من مصادقات الدول الأعضاء لتحقيق النصاب القانوني الضروري لدخولها حيز النفاذ ومن بينها على وجه الخصوص النظام الأساسي لمحكمة العدل الاسلامية الدولية الذي اعتُمِد سنة 1987”.
وقال: “في مجال الإعلام، فإن المنظمة قد استثمرت في الإعلام الجديد ومنصات التواصل الاجتماعي وأطلقت خدمة البث المباشر لمؤتمرات المنظمة، مما زاد من ظهورها في الفضاء الإعلامي وانتشار صداها عالميا.
وفي مجال التعاون الاقتصادي، بدأ العمل بنظام الأفضليات التجارية بين دول المنظمة في 1 يوليو الماضي، ما سيؤدي الى تعزيز التجارة البينية بالمنظمة والمساهمة في تحقيق هدفها المتمثل بالوصول لحصة 25 في المائة في هذا القطاع بحلول سنة 2025. وفي مجال العلوم والتكنولوجيا تسعى المنظمة الى تنفيذ مشروع حول إعداد موجز لملفات العلوم والتكنولوجيا والابتكار للدول الأعضاء بالتنسيق مع اللجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي (كومستيك)”.
وقال: “في الميدان الثقافي، قامت الأمانة العامة بوضع اللمسات الأخيرة على مشروع الورقة المفاهيمية الخاصة بإنشاء منصة “التعاون الإسلامي” للحفاظ على التراث الثقافي وحمايته في الدول الأعضاء ونعمل لتنظيم فعالية ثقافية في يوليو القادم في اندونيسيا وكذلك مهرجان المنظمة العام القادم في اذربيجان. وسجلت المنظمة عدة إنجازات في مجال التنمية الاجتماعية وتمكين المرأة والعدالة والمساواة بين الجنسين وتعزيز قدرات الشباب وتنمية الرياضة في العالم الإسلامي. وفي مجال التنمية الاجتماعية، وتمكين المرأة، وتعزيز قدرات الشباب وتنمية الرياضة، في العالم الإسلامي أود أن أشيد بجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في استضافة المملكة العربية السعودية للدورة الخامسة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الشباب والرياضة في سبتمبر الماضي في مدينة جدة
وفي نفس السياق، نواصل التنسيق مع جمهورية مصر العربية لعقد الدورة الثانية للمؤتمر الوزاري للمنظمة حول التنمية الاجتماعية، ومع جمهورية باكستان الإسلامية لاستضافة الدورة التاسعة للمؤتمر الوزاري للمنظمة حول المرأة، وأود أن أدعو الدول الأعضاء وأجهزة ومؤسسات المنظمة ذات الصلة للمشاركة الفعالة في تلك المؤتمرات والمساهمة في نجاحها”.
اضاف: “يعد برنامج عمل منظمة التعاون الإسلامي حتى عام 2025 خارطة طريق لعمل المنظمة ويعكس الرؤية الجماعية. والدول الأعضاء مدعوة إلى مواصلة جهودها وتعزيز مشاركتها والتزامها السياسي بالبرنامج، لاسيما من خلال إدماج برامج المنظمة وأنشطتها في أولوياتها الوطنية، ضمانا لنجاح هذا البرنامج. ان تعزيز مكانة منظمتنا وفعاليتها وتكثيف نشاطاتها يتطلب مواصلة عملية الاصلاح لتطوير الاداء ولمواكبة المتغيرات والتحديات الجديدة التي تواجه العمل الاسلامي المشترك. كما يتطلب وفاء جميع الدول الاعضاء بالتزاماتها المالية حتى تتمكن المنظمة من تحقيق أهدافها وتطلعات شعوبها”.
وتابع: “أود الترحيب مجددا بالاتفاق بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الايرانية على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما، وإننا نأمل أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة وأن تعطي دفعة جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
كما أجدد تهاني منظمة التعاون الإسلامي لدولة قطر قيادة وحكومة وشعبا على النجاح الباهر في تنظيم بطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم والذي جعل من البطولة نسخة تاريخية من بطولات كأس العالم. كما نرحب باستضافة دولة الامارات العربية المتحدة لمؤتمر المناخ “كوب 28″، تقديرا لجهودها في هذا الميدان. وندعو الى المشاركة الفعالة في هذا الحدث العالمي الهام لإنجاحه”.
وختم: “أود التنويه بأن منظمة التعاون الإسلامي تثمن علاقات التعاون والشراكة التي تجمعها مع منظمة الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية والإقليمية والدول الصديقة وتسعى الى دعمها. كما تعتزم توسيع شراكاتها خدمة للسلم والتعاون الدوليين والمصالح المشتركة”.