شارك نائب رئيس الإتحاد العمالي العام حسن فقيه في “مؤتمر العمل الدولي” المنعقد في العاصمة السويسرية جنيف ضمن وفد العمال اللبناني، وألقى كلمة خلاله قال فيها: “بالرغم من الثورة الرقمية والتطور الهائل الذي يشهده الذكاء الإصطناعي وتأثير ذلك كله في زيادة انتاج السلع كمّاً ونوعاً، فإنّ أربعة مليارات في عالمنا المعاصر يعيشون تحت خط الفقر المدقع كما جاء في تقرير المدير العام الشامل والعلمي تحت عنوان «تحالف عالمي من أجل العدالة الاجتماعية».
اضاف: “فمع كل هذا التقدم التكنولوجي لا يزال واحد في المئة من أثرياء العالم يحتكرون الثروات المادية، بل إنّ ثراءهم يزداد ثراء والفقراء يزدادون فقراً ويفتقدون الى فرص العمل اللائق والمنظم والى الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم الجيّد وللخدمات العامة من كهرباء ومياه شرب وصرف صحي”.
وتابع: “من هنا، فإننا في الإتحاد العمالي العام في لبنان نؤيّد سعادة المدير العام على موضوع «تشكيل تحالف عالمي من أجل العدالة الاجتماعية» ذلك أنّ الأجراء من موظفين وعمال في القطاعين النظامي واللانظامي والمهمشين في مجتمعاتهم سيكونون المستفيدين الاوائل من تحقيق حدٍ أدنى من العدالة الاجتماعية الذي لا يزالون يفتقرون اليه”.
واشار الى “انّ منظمة العمل الدولية، منذ نشأتها مروراً بإعلان فيلادلفيا عام 1944 ، لعبت دوراً أساسياً في حماية الدول والمجتمعات من خلال تركيزها على السلام العالمي والاستقرار وهو تحدٍ قامت به هذه المنظمة ردّت فيه على الحربين العالميتين اللتين شهدهما القرن الماضي نتيجةً لصراع السيطرة على أسواق وثروات العالم والتي ذهب ضحيتها عشرات الملايين من البشر مدنيين وعسكريين ودمّرت مدنا بكاملها”.
ورأى “ان مسألة الحوار المجدي بين أهل المال والسلطة ومنظمات العمال لا تزال تتعثّر بسبب هيمنة قوة المال والسلطة على إدارة هذا الحوار ونتائجه العملية وعدم انعكاسه إيجاباً على العمال وسائر فئات الأجراء والفئات الضعيفة في المجتمعات وخاصةً منها في بلدان العالم الثالث. وانطلاقاً من ذلك ينبغي علينا جميعاً الإنطلاق في هذه الحوارات من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لوضع معايير وآليات محددة وواضحة لأسس وأهداف الحوار والتحالف من أجل العدالة الاجتماعية، ومن احترام استقلالية كل طرف من أطراف الإنتاج على قاعدة التساوي في الحقوق والواجبات بشكلٍ متكافىء”.
وقال: “لقد توسمنا في لبنان خيراً في الاتفاق الإيراني السعودي الذي تمّ برعاية دولة الصين، وما تبع ذلك من انعقاد قمة جدّة في المملكة العربية السعودية واستعادة الشقيقة سوريا لمكانتها ودورها في جامعة الدول العربية وما أوجده ذلك من انفراجات على مستوى المنطقة. لكنّ وضع منطقتنا العربية لا يمكن أن يستقرّ من دون إيقاف أعمال القتل وتدمير بيوت الفلسطينيين على يد أكثر حكومة يمينية محتلة منذ العام 1948 إضافةً الى تغوّل قطعان المستوطنين في الهجوم الأسبوعي وأحياناً اليومي على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وتشريد الأسر من قراها ومنازلها لاستكمال تهديد كامل أرض فلسطين المتمسكين بهوياتهم الوطنية والعربية والذين يواجهوا باللحم الحي ويقدّمون المزيد من التضحيات في سبيل أرضهم”.
واكد “أنّ استمرار سياسة التوسّع الصهيوني واغتصاب قسم من أرض جنوب لبنان والجولان السوري لا يمكن أن يؤدّي إلاّ الى المزيد من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وإذا لم تتكاتف الجهود من كل أحرار العالم ودوله لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الكاملة وإنهاء احتلال أراضي البلدان العربية، سوف يستمر هذا المأزق. كما يؤسفنا تفجّر الحرب العبثية بين العسكر على أرض السودان الشقيق وتعريض المدنيين للقتل ومنازلهم للنهب ومئات الآلاف للتهجير القسري. كذلك يؤسفنا تعثّر المفاوضات التي طالت في الشقيقة ليبيا من أجل الاتفاق على توحيد البلد وحكومته ومجلسه التشريعي”.
وقال: “منذ ثلاث سنوات وبضعة أشهر انفجرت أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية ونقدية في بلدنا لبنان. فمنذ التاسع عشر من شهر تشرين الثاني عام 2019 أقفلت المصارف التجارية أبوابها لمدة ثلاثة أسابيع وهرّبت الى الخارج بالتواطؤ مع بعض الجهات النافذة في السلطة وخارجها أموال المودعين التي كانت مؤتمنة عليها والتي تلامس الثمانين مليار دولار. فخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها وذابت الأجور وقدرتها الشرائية وارتفعت «وتدولرت» السلع الغذائية وكل أسباب الحياة من محروقات وتعليم وطبابة واستشفاء ودوار وكهرباء ومياه وسوى ذلك. وانتقلت البلاد الى أزمةٍ سياسية أخرى مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق وعدم تمكّن القوة السياسية من انتخاب رئيس جديد وتحوّلت الحكومة اللبنانية الى حكومة تصريف أعمال – وهكذا غرق الشعب اللبناني في أزمتين كبيرتين تغذّي إحداهما الأخرى”.
وتابع: “إننا في الإتحاد العمالي العام في لبنان فتحنا ولا نزال حواراً مستداماً مع هيئات أصحاب العمل، ثنائياً أو برعاية وزير العمل اللبناني، واستطعنا أن نفتح أحياناً كوّةً ولو صغيرة لتخفيف بعض آثار الأزمة في ظل فقدان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي القدرة بنسبة تسعين بالمائة من تغطيته الصحية وكذلك في الصناديق الضامنة وضاعت تعويضات نهاية الخدمة وقيمة التعويضات للمتقاعدين”.
واكد “اننا في المشرق العربي و في مجتمعنا اللبناني نعتبر الأسرة وحدة المجتمع وأصل التربية القيمية و الأخلاقية، لذا نرفض كافة الشعارات والدعايات الداعية لتفكيك الأسرة ومحاربة القيم تحت شعاراتٍ شتّى، وتُعتبر هذه الظواهر ظواهر مرضية يجب أن تعالج و تبقى حالات شاذة تعمل المجتمعات على إصلاحها و إعادتها إلى الجادة.”
وختم: “إننا إذ نجدّد موافقتنا على ما جاء في تقرير المدير العام البالغ الدقّة والغنى، نتقدّم بالتحية الى أجهزة المنظمة للجهود كافة التي بذلت لإنجاح هذه الدورة وخصوصاً لتركيزهم على العقد الاجتماعي المتجدّد في الفصل الرابع من هذا التقرير وشكراً لكم جميعاً”.