أحيا رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري الليلة الاولى من ليالي عاشوراء بمجلس عاشورائي أقيم في قاعة ادهم خنجر في دارته في المصيلح، حضره رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، رئيس المكتب السياسي لحركة “امل” جميل حايك والنواب: هاني قبيسي، ايوب حميد، ناصر جابر، وأشرف بيضون، نائب عضو هيئة الرئاسة في حركة “أمل” خليل حمدان، رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، المدير العام لوزارة الإعلام حسان فلحه، وقيادات حركية وكشفية، قيادات أمنية وعسكرية ولفيف من العلماء وحشود شعبية من مختلف المناطق غصت بهم القاعة والباحات المحيطة بها.
استهل المجلس بآي من الذكر الحكيم للمقرئ حسين موسى. ثم تقديم لعضو المكتب السياسي لحركة “امل” محمد غزال .
بعدها، القى الشيخ الخطيب كلمة تحدث في مستهلها عن معاني ذكرى عاشوراء. وقال: “حينما نريد أن نتحدث عن ثورة عظيمة كثورة الامام الحسين (ع) لا بدّ أن نتعرض لخصوصياتها الحاضرة ومفاعيلها المستمرة بعد مرور ما يقارب الالف وأربعماية عام من حدوثها، وهي فترة طويلة كافية لأن يطويها النسيان أو تنكفئ إذا أحسنا التعبير إلى سجلات التاريخ بعد التغيرات الكبرى التي طرأت على المجتمع العربي والإسلامي السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية، كما هو حال الكثير من الثورات التي جرت في التاريخ حتى للقريبة منا زمنياً والمعاصرة لنا، حيث تحوّلت الى حدث مرَّ في التاريخ وكأنه لم يكن، وهو أمر يستدعي البحث والتحليل الموضوعي كما تقتضيه الأمانة والجدارة العلمية ويلتزمه البعض القليل ممن استحق لقب العالِم والباحث في سلوكه العلمي والتحليلي لفهم بعض الظواهر الاجتماعية البارزة والمهمة في حياة الامم والمجتمعات، فلا يلجأ الى تسطيحها كما يفعل من يعجز عن الغوص في أعماقها وسبر أغوارها وفهم موجباتها من استنكار وتسخيف واتهام بالتخلف والتمسك بالماضي مما لا يتناسب مع التقدم والتطور والعصرنة كما يدّعون وأمثال ذلك من التعبيرات النمطية الغائمة وغير العلمية ثم يُتبِعها بالحكم عليها بأنها سبب من أسباب التخلّف الذي ترزح تحته مجتمعاتنا وينتهي بالدعوة الى التخلّي عن التمسك بها إذا ما أردنا أن نخلع عنا الثوب الخليق الذي نرتديه حسب زعمه لنرتقي الى مصاف الامم المتقدمة”.
أضاف: “من المؤسف ان تكون الآراء المسطّحة تعتمد بعض الممارسات المتخلّفة أو الخطاب الديني القاصر أحياناً لأساس للتدليل على ما يذهب اليه وهو في أكثر الاحيان يكون متعمّداً ومحكوماً بخلفيات غير نظيفة هدفها التشويه فيتشارك مع الخطاب القاصر والممارسات المتخلفة في الإساءة والتشويه مستفيداً منهما في الوصول إلى هدفه وتحقيق غرضه بإبطال مفاعيلها الاجتماعية والفكرية والحضارية، بل قد يعمد إلى التأكيد على إبراز الممارسات والتفسيرات الخاطئة لدى أوسع شريحة في المجتمعات خصوصاً الشعبية منها ويعطي للآخرين ممن يشاهدها أو يستمع إليها الصورة المتخلّفة لتشمئز منها حتى لا تتأثّر بها حفاظاً على مصالحه كما يفعل الغرب في حربه الفكرية التي اعتمدها أساساً كبديل لوجوده الاستعماري المباشر في العالمين العربي والإسلامي بإثارة الفتن الطائفية والمذهبية بين المسلمين، التي سخَّر لها كافة الوسائل والامكانيات وادخل العرب والمسلمين من حيث لا يعلمون أو يعلمون في حروب طائفية قذرة وفتن عمياء وانقسامات خطيرة أرجعتهم إلى عصور التخلّف عشرات السنين على العكس مما أُريد لها حين أسّس لها أئمة أهل البيت (ع) إحياءً للقيم الاخلاقية والانسانية أداة لبثّ الوعي الديني في الامة منعاً من التلاعب بها واستغلاها لمصالح قبلية ومشاريع فئوية أو شخصية على حساب المشروع الالهي الرسالي للأمة الوسط كشاهدة على الأمم: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)”.
وتابع: “لقد كانت أهداف الرسالة الاسلامية تحمل في مضامينها هذا البعد الذي يتسع للزمان بأبعاده الآنية ابتداءً من نزول الوحي الى أبعاده المستقبلية المحددة بنهاية الاختبار الالهي للأمة في حملها لهذه المسؤولية التي تخلت عنها واستبدلتها بمشاريع خاصة وأهدافٍ ضيقة عَرَّضت الرسالةَ للتلاعب والتشويه فكانت الثورة الحسينية الضمانة الدائمة لسلامتها المعرضة دائما بحكم التحوّلات السياسية والاجتماعية، لتبقى الحجة الالهية الشاهدة على الناس والمنارة للإصلاح والتجديد”.
وقال: “أيها الاخوة، من هذا الارتباط وهذه الوظيفة تأخذ الثورة الحسنية أبديتها وتجددها وخلودها حتى قيل ان الدين محمديّ الوجود حسينيّ البقاء، ومن أبدية القيم الاخلاقية العدالة والحق والكرامة الانسانية والصلاح وأمثالها التي هي حاجة دائمة في الضمير الانساني وغاية تسعى لتحقيقها البشرية طالما وجدت وأنّى وجدت تستمد الثورة الحسينية بقاءها لأن السعي الانساني الدائم لتحقيق هذه القيم شكَّل هدفا ثابتاً لها وكان أقدام الامام الحسين (ع) على الشهادة دفاعاً عنها مجرداً عن أي مأرب ذاتي أو مصلحة شخصية لانتفاء أي عامل من عوامل النصر المادي لهذه الثورة رفضاً للمساومة عليها بأيِّ ثمنٍ مادي ابتداءً بالسلامة الشخصية وانتهاءً بالحفاظ على حياة أبنائه وانصاره وحفظ اطفاله ونسائه، حدثاً فريداً لا تجد له في التاريخ مثيلاً او نظيراً فانصهر بها وانصهرت به حتى غديا عالَماً واحداً لا ينفصمان من عالم القيم الانسانية خالدا ًبخلودها باقياً ببقائها حتى بات بقاؤها مرهوناً ببقائه وزوالُها بزواله وهل يُتصوَرُ أن يمرّ عليها فناء او زوال. فكان وارث الأنبياء في مهمتهم الإلهية وفي دفاعهم عن القيم الاخلاقية عبَّر عنها سيّدهم محمد (ص) حاصرا فيها مهمّته بقوله: (إنّما بعثتُ لأتمم مكارم الاخلاق). مما يرتب علينا مسؤوليات في تنقية هذه المجالس من السلبيات التي تؤدي إلى نتائج معاكسة تشوّه معاني هذه الثورة المباركة وتحدّ من الاستفادة منها روحياً وتربوياً وأخلاقياً”.
أضاف: “إنّ المطلوب أن يكون المنبر الحسيني منبراً للثقافة والمعرفة والفكر ولتحديد الآفات الفكرية والاجتماعية والتأشير عليها وتنشيط الجهد لمعالجتها مستفيداً من معاني وأبعاد الثورة الحسينية المباركة وخصوصاً في بعدها الروحي والاجتماعي والأخلاقي. الأخلاق التي هي حصن المجتمع من الفساد، الفساد الذي هو علة العلل المودي بالأمم إلى الهاوية من غير إطلاق وإنما في إطار الامتحان الالهي الذي ينتهي بانتصار القيم الاخلاقية النهائي في نهاية الصراع بين قيم الحق والجمال وبين قيم الباطل والفساد على يد صاحب العصر والزمان (عج) الوارث النهائي لخطّ الأنبياء كحقيقة دينية ثابتة”.
وتابع: “ايها الأخوة، لقد أصبحت الثورة الحسينية الملهم الدائم للمظلومين الطامحين للتحرر من قيود الظلم والاستعباد وتحقيق العدالة والكرامة الانسانية ومواجهة الفساد وأصبح الحسين شعاراً للمستضعفين يمدّهم بالشجاعة والعزيمة ويدفعهم للتضحية انتقاماً لكرامتهم المهدورة وسعياً لتحقيق الاصلاح ودفاعاً عن القيم الاخلاقية والانسانية التي تتعرض اليوم ايها السادة إلى التشويه والافساد بالترويج لثقافة الشذوذ الجنسي والمساهمة في الفساد السياسي والمالي والاداري مستهدفةً معها مجتمعاتِنا وابناءَنا وأُسرَنا في حرب ضروس تُسخَّر لها الوسائل والامكانات الهائلة من إعلامية ومادية لإغراء الاجيال الناشئة وتُمارَس فيها الضغوط الاقتصادية والسياسية على الدول الضعيفة لتشريع الشذوذ الجنسي والتحلل الاخلاقي والتفكك الاسري وتأمين الحماية القانونية له في عملية ضرب للقيم الاخلاقية بدوافع شيطانية مما يجعل إحياء مجالس عاشوراء والاستفادة من دروسها المعنوية تحصيناً لبيئتنا الاجتماعية والوطنية من المخاطر المحدقة بها”.
وقال: “ايها الاخوة والاخوات، إن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وسقوط العملة الوطنية تشكل الأرضية المناسبة لانعدام الامن الاجتماعي والانحلال الأخلاقي وتُسرِّع بسقوط المجتمع ونهايته. إنّ لبنان للأسف تتوفر فيه كل هذه العوامل، ولِأنَّ الاستقرار السياسي يشكّل المدخلَ الإجباري للإصلاح، والاستقرارَ السياسي منوط بالتوافق بين القوى السياسية فهي مطالبة بالإسراع بالتوافق فيما بينها على انتخاب رئيس للجمهورية والخروج من حالة المراوحة السائدة بتقديم المصالح الوطنية على الفئوية والشخصية. إنّ الاستمرار في هذه المراوحة مع ما يعانيه المواطنون وما تتعرّض له المؤسسات ليس إلا تعبيراً عن عدم المسؤولية الوطنية والسقوط الأخلاقي. إنّ الغالبية العظمى من الشعب اللبناني يا دولة الرئيس على يقين أنكم لم تألوا جهداً لجمع كلمة اللبنانيين على كلمة سواء لإنقاذ الوطن من مآزقه التي يتخبّط بها نأمل أن تلاقي في نهاية المطاف موقفاً إيجابياً قبل أن تضيع الفرصة ونبحث عن وطننا في مزابل التاريخ كما حذّر امام الوطن والمقاومة السيد موسى الصدر لإنقاذ لبنان وإنقاذ القوى المغامرة ذاتَها من نفسها”.
وختم الخطيب: “أخذ الله بأيديكم إلى ما فيه المصلحة الوطنية، وأعظم الله لكم الأجر”.
بدورها، أحيت عقيلة رئيس مجلس النواب السيدة رندى عاصي بري الليلة الاولى من ليالي عاشوراء بمجلس عزاء اقيم في دارتها في المصيلح، حضرته محافظ النبطية بالوكالة الدكتورة هويدا الترك وفاعليات نسائية وحشد من السيدات .