رأى الرئيس فؤاد السنيورة أن “مسؤولية الانهيار الأكبر، تتحملها أولا الدولة بشقيها التنفيذي والتشريعي، لأنه كان عليها إقرار الإصلاحات اللازمة، من أجل استعادة السلامة على الصعيد الإداري، وترشيد الإنفاق، وعدم تضخيم حجم الدولة”.
واعتبر في حديث لـ”المشهد” أن المسؤولية الثانية تقع على مصرف لبنان وحاكمه، الذي حذره مرات عدة من خطورة حصول ذلك. وقال السنيورة: “استدعيت حاكم مصرف لبنان مرات عدة، وقلت له هل تعلم لماذا أعطاك القانون هذا القدر من الحصانة في ممارسة السلطة النقدية، فقال لي: “لماذا”، فأجبته: “كي تستطيع أن تقول لا للسلطتين التنفيذية والتشريعية”.
وتابع: “كان على الحاكم أن يلعب دورا جازما وحاسما في وقف إمداد السلطة التنفيذية بالتسهيلات المالية”.
وعن الجهة الثالثة التي تتحمل مسؤولية الانهيار، قال: “المصارف التجارية هي الطرف الثالث الذي يتحمل مسؤولية الانهيار، بسبب تخليها عن القواعد الحصيفة في العمل المصرفي، لعدم حفاظها على قاعدة أساسية، وهي “منع وجود مدين واحد كبير يدين الدولة بهذا القدر، ولأنها ركزت معظم تسليفاتها بيد الدولة، وهذا خطأ كبير”.
وردا على سؤال أجاب: “كان باستطاعة رياض سلامة أن يقول لا للسلطة، وأقول هذا من خبرتي في الحكومات وكمصرفي سابق وفي المصرف المركزي، لكنه كان لديه حسابات أخرى ويتمنى الوصول إلى رئاسة الجمهورية، وبالتالي كان يحاول أن “يدوزن” الأمور بشكل يرضي جميع الأطرف على حساب المصلحة العامة”.
وعلى الرغم من صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي الحالي، ما زال السنيورة متفائلا بقدرة لبنان على الخروج من كبوته، من دون أن يستبعد المخاض العسير الذي ستمر به البلاد للوصول إلى بر الأمان المالي. وأوضح: “الدول لا تفلس، بل الإدارات تفلس، وبالتالي هناك إمكانية أن يخرج لبنان من هذا المأزق الاقتصادي، لكن الكلفة كبيرة وموجعة، فلبنان اليوم كالمريض الذي يعاني اشتراكات عدة، وبحاجة لأن يأخذ جميع الأدوية الضرورية التي وصفها الأطباء ليطيب”.
واعترف بتراجع الشارع السني لأسباب عدة، “في طليعتها غياب الرئيس سعد الحريري عن الساحة السياسية بعد قرار تعليق العمل السياسي لتياره. عملت من أجل استمرار الحريري بقيادة الشارع السني، لكنه أصر على الاعتزال”.
وردا على سؤال بشأن اتهامه بالانقلاب على الحريري، قال: “هذا غير صحيح، عملت من أجل تفادي الفراغ في الشارع السني، ليس طمعا بأي منصب لأنني حصلت على المراكز التي يحلم بها أي لبناني. الذين انقلبوا على الحريري هم من دخلوا التسوية معه في العام 2016، والذين انقلبوا عليه في 2019”.
ولا يخفي السنيورة عدم وجود تواصل دائم مع الرئيس سعد الحريري، لكنه في الوقت نفسه يؤكد حفاظه على الود مع الحريري، كاشفا عن آخر اتصال معه. وقال: “اليوم لا اتصال مع الرئيس الحريري، لكن أحافظ على الود معه وأتمنى أن يعود وسأكون إلى جانبه، وأريد أن أخبرك سرا، عندما جلست معه في شباط الماضي قال لي: “ليس هناك أي خلاف شخصي بيني وبينك يا فؤاد”.
وفي السباق الرئاسي، حدد السنيورة مرشحه لهذا المنصب، معلنا تأييده للوزير السابق جهاد أزعور، الذي يعتبره “الأفضل في هذه المرحلة بناء للخبرة التي راكمها اقتصاديا وماليا، خصوصا في صندوق النقد، والتي يحتاجها لبنان، وسياسيا من خلال خوضه المعترك السياسي والخبرة التي اكتسبها”. وقال: “أنا أريد رئيسا ملتزما باتفاق الطائف ومقتنعا به، ولا يكون طرفا مع أي فريق، بل يكون جامعا، وأنا أختار جهاد أزعور لما أعرفه عنه، ولفهمه لدور رئيس الجمهورية وليس لأنه تكنوقراط فقط”.
وعن الفراغ الرئاسي، حمل السنيورة مسؤولية استمرار الفراغ إلى “الثنائي الشيعي”، قائلا: “حزب الله وحركة أمل يتحملان مسؤولية الفراغ، الدستور ينص على ضرورة إجراء العملية الانتخابية، كما فعل المجلس النيابي الأميركي، الذي اجتمع على مدى أسبوع لجلسات طويلة لانتخاب رئيس له، وهذا ما يجب أن يحصل في لبنان”.
وتعليقا على دعوات الحوار من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، أوضح: “الحوار على ماذا؟ هناك دستور واضح، ومن يقود هذا الحوار، رئيس الجمهورية المقبل هو المخول لقيادة الحوار لرأب الصدع والمخالفات الدستورية، وإلا سنكون كمن يمشي إلى جهنم بقدميه”.
ولا يتنصل السنيورة من أي قرار اتخذه إبان حرب تموز، قائلا في الذكرى 17 على وقوعها: “لو عاد بي الزمن لاتخذت القرارات نفسها من دون أي تردد لوقف الحرب، وللأسف الوضع ما زال غير مستقر في الجنوب، بسبب استمرار التهديدات الإسرائيلية وغياب الدولة اللبنانية، التي لا تمارس سلطتها الواحدة في كل لبنان، ما يسمح بالتعدي على سلطتها وأجهزتها كافة”.