ترأس رئيس اساقفة طرابلس وسائر الشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، قداسا احتفاليا في كنيسة مار الياس الغيور في شكا، لمناسبة عيد مار الياس، وعاونه الايكونوموس الياس رحال، رئيس دير القديس انطونيوس الكبير الأب مارون يوسف، كاهن الرعية الاب باسيليوس غفري، والاباء خليل الشاعر، فادي منصور ويوحنا خليل الحاج، بمشاركة قائمقام البترون روجيه طوبيا، رئيس بلدية شكا فرج الله كفوري، رئيس بلدية الزعيتري جورج عون، مأمورة نفوس البترون مارغو كفوري، المختارين لودي مسعد عبود وشليطا عازار ومؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، كرّس المطران ضاهر أفواج جديدة لشبيبة وطلائع رعية النبي ايليا الغيور شكا، ثم القى عظة شدد فيها على “الصلاة من أجل الوطن الذي يحتضر”، ولفت الى ان “المواطنين يعانون من الفقر والعوز”، داعيا الى “ترسيخ ثقافة التعاون والتسامح والمحبة والعيش الواحد لنتخطى معا هذه الأزمة، ونساهم في نهضة مجتمعنا ووطننا وإنقاذه من المحنة الصعبة التي يمر بها”.
وقال:”نجتمع وإياكم على اسم نبي من أعظم الأنبياء في التاريخ النبي إيليا الغيور، شفيع هذا الكنيسة المقدسة وهذه الرعية المباركة، وهي مناسبة عزيزة على قلوبنا جميعا لأتقدم بالمعايدة القلبية من الذين يحملون اسمه ويطلبون شفاعته ، ومن جميع أبناء وبنات هذه الرعية المباركة وجميع الحاضرين والمشتركين معنا في هذه الذبيحة الإلهية، وأتمناه عيدا مقدسا ومباركا للجميع”.
وتابع:”لم يكن إله إيليا حيا فقط، بل كان إيليا أيضا حيا بإلهه. لقد قام إيليا كالنار وتوقد كلامه كالمشعل (سيراخ 48، 1). هذه هي روح إيليا التي أحبها يسوع، لقد امتدح يسوع يوحنا المعمدان كثيرا ولم ير بين المولودين من النساء (بني البشر) أعظم منه، ولهذا قال عنه قد جاء بروح إيليا. روح إيليا هذه هي من الروح القدس، روح الحق. روح إيليا هي الروح التي لا تقبل الخطأ بل تقيم الحق في كل شيء، روح كهذه لا تهاب إلا أن تخطئ إلى الله، ولا تكره شيئا إلا الإساءة إلى الإنسان، بهذه الروح قام إيليا على الملكة وبهذه الروح وبخ المعمدان هيرودس”.
واضاف:”نحن في عالم ممزوج فيه حب القمح مع الزؤان، والحق بالباطل، وغالبا ما نريد أن نصالح الأول بالثاني وأن نجمع بين النقيضين، لكن روح إيليا سيف يقطع بين المتناقضات، أما نحن فنتأرجح بين روح إيليا وبين تيارات العالم، بين الحق وبين الكذب، بين الجوهر والظاهر”.
وسأل:”ما الذي دفع بإيليا إلى النبوءة؟ ومن حركه بهذا العزم؟”، وقال:”هناك أمران يرسلان الإنسان في هذه الطريق. إنه روح الله والخطيئة، حين تهيمن الخطيئة يجد روح الله في إنسان ما، الشجاعة والشخصية التي تقبله فتتحرك. حين ينسكب الروح في الإنسان بفيض، لا يعود يقبل الخطيئة ولا يهابها، مهما بلغ عنفوانها أو ارتفع شرها أو قوي سلاحها . فالنبي ليس العراف الذي يقرأ المستقبلات، النبي المملوء من روح الله يفهم الحاضر من إيمانه بالمستقبل. فروح الرب الساكن والمتحرك فينا يجعلنا لا نقبل الحاضر كما هو. وإنما فقط كأداة لتحقيق المستقبل الذي نراه ونرغبه ونسعى إليه. وما هو هذا المستقبل إلا المشيئة الإلهية الصالحة للإنسان”.
وتابع:”حيث روح الله، هناك الحرية. لذلك روح النبوءة هذه لا ترضخ للروابط والأعراف، حين هذه الأخيرة مرات عديدة تناقض الحقيقة. آه، لو تأملنا في هذه الروابط التي تكبل حياتنا اليومية، لا بد أن نرى الكثير منها منسوج من خيوط الرياء، والخوف، والقيم الزائفة، التي شبكها الضعف البشري حين سكن في قوالب السلطة دون استحقاق. لم يعمل إيليا بهذه الروح في ظروف كان يبدو هو القوي فيها وأعداؤه هم الضعفاء! على العكس تماما، حين بدى أنه الضعيف والضعيف جدا، وظهر أن أعداءه هم الأقوياء، حينها سكب إيليا روح الله على ضعفه البشري فخزى قوة الأقوياء. من يحمل روحا كروح إيليا لا ينظر إلى قوته أو قوة أعدائه، وإنما ينظر فقط إلى إرادة الله القادرة أن تحقق فيه ما هي تريده. المسألة ليست في أن نربح أو نخسر، إنما في أن نطيع الروح أو نعصى، فإذا تكلم الرب، فمن لا يتنبأ (عاموس 3، 8). النبي يطيع الروح ولا يحسب تجاه هذه الطاعة أي شيء خسارة، ولو كلفته أن يسلم الرأس لراقصة تافهة (كالمعمدان)”.
وقال:”نصلي في هذا المساء، من أجل صحة وعافية وخلاص مقيمي هذا العيد المبارك، عائلة السيد درويش كرم وراحة نفوس موتاهم، كما نصلي من أجل كل من يحمل اسم النبي إيليا أو يعيد هذا العيد المبارك.ونصلي بشكل خاص، من أجل جميع المحسنين الى هذه الكنيسة المقدسة، وجميع المقدمين الى هذا الهيكل المبارك مقدرين تقدمتهم السخية والخيرة ولاسيما في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، ونسأل الله، بشفاعة النبي إيليا، أن يمنحهم النعم الوافرة ويعوض عليه أضعاف الأضعاف. نصلي من أجل وطننا الحبيب لبنان الذي يحتضر إذ يعاني المواطنون من الفقر والعوز، نصلي من أجل ترسيخ ثقافة التعاون والتسامح والمحبة والعيش الواحد لنتخطى معا هذه الأزمة ونساهم معا في نهضة مجتمعنا ووطننا وإنقاذه من المحنة الصعبة التي يمر بها، ونصلي لأجل السلام في العالم، ولأجل كل مريض، وكل صاحب حاجة، لكي يمنحه الرب نعمة الشفاء، أو يفك عنه كل ضيق، أو كل شدة”.
وختم:”أشكر الجميع على مشاركتهم وحضورهم فهذا هو العيد المقدس الذي نقيمه، ورجائي إليكم، أن تسهروا، وتفرحوا، ولكن إذا فرحتم، فليحضر الله في فرحكم”.