تقرير: نادين خزعل
في ظلّ الإنهيار المؤسساتي الذي تشهده الدوائر الرسمية في لبنان، وفي ظل تلكؤ معظم الإدارات العامة عن القيام بواجباتها، وحدها وزارة التربية والتعليم العالي بقيت خيرَ مؤتمَنٍ على المصلحة العامة وبقيت كل الأعمال فيها والمعاملات سائرة على قدم وساق.
على سبيل المثال ولمن لا يدري؛ فقط في وزارة التربية تصديق الإفادات الجامعية تم تنظيمه بطريقة تراعي تيسير أمور الناس فتقدم الطلبات يوميًّا من الساعة التاسعة صباحًا إلى الساعة الواحدة ظهرًا ويُمنح أصحابها أرقامًا تسلسلية ويتم تسليمها في اليوم نفسه من الساعة الثالثة حتى الساعة الخامسة.فأين نجد مثل هذا الإجراء التنظيمي؟ في أي دائرة رسمية؟
وحدها وزارة التربية بقيت صامدة في وجه كل الأزمات بقيادة الوزير القاضي عباس الحلبي والمدير العام الأستاذ عماد الأشقر وفريق عملهما…ففي ظل كل الفراغات الدستورية أنجز الرجلان استحقاقات عدة من إجراء الإمتحانات الرسمية العام الدراسي المنصرم، إلى الوقوف بوجه دمج الطلاب غير اللبنانيين، إلى المدرسة الصيفية، ومشروع كتابي، وبدل الإنتاجية، وصولًا إلى مدارس الإستجابة للطوارئ وافتتاح مدارس رسمية جديدة وتكريسًا للشفافية وحرصًا على الأمانة التعليمية تم إلزام إدارات المؤسسات التربوية الخاصة بدءًا من العام الدراسي الحالي 2023-2024 بإدراج العلامات الشهرية والمعدلات الفصلية بشكل دوري على النظام الإلكتروني المعتمد أي أن العلامات سيتم إيداعها شهريًّا وفصليًّا الوزارة ما سيمنع تغييرها وسيحول دون تعديلها لاحقًا.
وحدها وزارة التربية بقيت مفتوحة الأبواب دومًا ولم تُغلَق ولم تتوقف عجلة العمل فيها.
وكأي مرفق رسمي، وزارة التربية تضم مئات الأقسام والوحدات والمصالح، فيها كما في كل مكان من يتمتع بالمناقبية وبالمصداقية ومن يسقط أمام إغراء مكتسبات الفساد وبعد أن لاحت بعض الشبهات كان موقف الحلبي والأشقر ثابتًا وواضحًا ولا لبس فيه: الكل تحت سقف القانون، لا غطاء لأحد، المخطئ سيُدان وسيحاسَب وفق الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء.
طبعًا التحقيقات تمت بشكل قانوني وأصدر قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم، قراره الظني في ملف رشاوى وزارة التربية، والذي يتضمن اتهامات لموظفين ومعقبي معاملات وسماسرة تولوا تعديل شهادات طلاب عراقيين، مقابل مبالغ مالية طائلة مرتكبين بذلك جرم الإثراء غير المشروع.
وبحسب القرار الظني فإن المدعى عليهم قبضوا مبالغ مالية من طلاب عراقيين ودفعوها لموظفين في الوزارة وذلك مقابل تسريع إنجاز معاملات المصادقة ومعادلة الشهادات الجامعية والبكالوريوس العائدة لطلاب عراقيين.وبناءً على هذه الوقائع، “ظنّ القاضي بيرم بكل من المدعى عليهم:
أمية. ع، عبد المولى. ش. د، عماد. ش. د، سحر. ج، نادين. م، بالجنحتين المنصوص عليهما في المادتين 351 من قانون العقوبات و14 من القانون رقم 189/2020؛ وزينب. ن، ناريمان. ح، عبير. و، خضر. ح، محمد. ع، علي. ن، إيليا. ي، أنيس. ن، سميح. ح، نزيه. ش، محمد. د، وسام. ق، محمد. م، إبراهيم. ب، زهراء. ع، علي، ه، حسين. م، حسين. ز، وطارق. أ بالجنحتين المنصوص عليهما في المادتين 351/353 من قانون العقوبات و14 من القانون رقم 189/2020 معطوفة على المادة 220 من قانون العقوبات” وأحال القاضي بيرم جميع المدعى عليهم إلى القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمتهم.
هذه التوقيفات عادية وتحدث ولا تعني شيئًا سوى أن الموقوف بحد ذاته قد ارتكب جنحة الفساد والرشوة وهو الوحيد المسؤول عن الجرم الذي ارتكبه وبالتالي هو الوحيد الذي سيُعاقب.
هذا ما يحدث في الواقع وهكذا تتم مقاربة الأمور وليس عبر صفحات تواصل منفصلة عن المنطق والمهنية والأخلاق والمصداقية تقوم على منهجية
“كذّب ثم كذّب ثم كذّب حتى يتمّ تصديقك”… وشتان ما بين مقالات إعلامية وهرطقات إعلانية.