اقيم صباح اليوم في مقر “الجامعة الاسلامية” في لبنان، برعاية نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، حفل توقيع كتاب ” الى الشباب”، لمؤلفه عميد كلية الدراسات الاسلامية في الجامعة أ.د. غازي منير قانصو، في حضور رئيس الجامعة أ.د. حسن اللقيس وفعاليات وشخصيات فكرية وتربوية وقضائية واعلامية وعلماء دين وعمداء واساتذة وطلاب الجامعة ومهتمون.
كلمة اللقيس
وبعد تلاوة أي من الذكر الحكيم والنشيد الوطني، القى كلمة البروفيسور اللقيس، مدير مكتبه المحامي مصطفى حمدان التي قال فيها:” بسم الله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على مدينة العلم وعلى بابها ، صباح الخير للأعمار المتشابكة مع الضوء ، المسرعة نحو المدى لتكوين الشمس ..صباح الخير للأيادي الخارجة من جب القلق، الممتدة إلى الغد، الساعية بكل كدها و جدها و ورد أناملها، لترسم يوسفا في جبين القادم من الأيام ..الصباح على الشباب، كل الخير والزاد وكل المرتجى والرهان، إلى الشباب در .. همة ووعيا وسعيا، لا عمرا يحتسب ولا أرقاما تضاف إلى رزنامة الحياة، ” فرُبَّ هِمّة أحيت أمّة ” كما عبّر الإمام الصدر، و نقول ” رُبَّ حرفٍ صاغَ مساراً للحياة ” دكتور قانصوه، لعلها من محاسن الصدف ان تتزامن لحظة ولادة إنتاجكم الأكاديمي المقدّر، مع غمرة أحداث مصيرية تحيط بشبابنا ومستقبلهم وآفاق ومسارات هذا المستقبل في مرحلةٍ استثنائية تخيّم على واقع المنطقة، لا بل المجتمع الدولي بأسره، مآلاتُ تحوّلٍ كبرى في تشكّل وعي الشباب العربي والغربي على حد سواء، هي بلا شك معركةُ المصير الممهور بإرادة وعزم الشباب الذي يرسم ملامحَ هويته وانتمائه وخياراته، ولعل مؤلف الدكتور قانصوه قد أصاب هواجسَنا وقلقَنا بسهام التوعية والإرشاد والتيقّظ، فأنعش فينا علمياً وأكاديميًاٍ الأملَ والإرادة لتثبيت فئة الشباب في مرمى مجهوداتنا، باعتبارهم عمادَ مؤسسات الغد، وما تصدّيهم لجوهر تحدّياتهم ومكامن التهديدات، الا دليل إضافي على إدراكهم لبديهية المواجهة أكاديمياً وفكرياً وثقافياً، ممتشقين سلاح وعيهم،ولمسار اليوم ومآلات الغد ماضٍ مشرّف، فكرٌ نيّر استشرف الدروب المظلمة للمشاريع المحاكة ضد مجتمعنا نظّر للأخطار المحدقة ورصّ صفوف المواجهة وأطلق العنان للشباب ليكونوا شعلة النور وقبلة التحرر.
واضاف… وما الجامعة الاسلامية في لبنان إلا واحدة من باقة الإنجازات المؤسسية للإمام المغيب السيد موسى الصدر واحة تتخطى بدورها التوعوي والتوجيهي أهدافها الأكاديمية، ولمّا تزل عثرات ومطبّات وصعوبات تمّ تجاوزها بثبات وعزم برؤية حملت مشروعنا الشبابي الوطني الى خارج حدود الظرف الممكن والهامش المتاح ، وكان لسماحة الشيخ علي الخطيب الأثر الواضح في تثبيت البوصلة نحو قبلة مستقبل الشباب لتسهيل المسارات أمامهم والاستثمار بطاقاتهم وعنفوانهم. اليوم تشكّل الجامعة الإسلامية في لبنان جسر عبور نحو تمكين الشباب الجامعي وتوسيع الآفاق أمامهم لعدم حصرهم ضمن هوامش ضيّقة، بل إتاحة مساحات واسعة تمكّنهم من تثبيت حضورهم عنصراً فاعلاً مؤثراً كأحد مداميك مجتمعنا، وعلى قدر أهل العزم تأتي عزائم كوادرنا التعليمية والإدارية، ومعها تتقدّم الجامعة على رقعة الصروح التعليمية العالية ليس فقط على المستوى المحلي إنما الإقليمي والدولي”.
أضاف :”نحن اليوم لا نكتفي بالكليات الفاعلة بنشاط إنما نسعى لإنجاز مخطط فتح فروع جديدة وافتتاحٍ مرتقب لكلية الطب و كلية الزراعة بعد إنجاز التراخيص، اما خارجياً فتتوالى تواقيع اتفاقيات التعاون مع جامعات عريقة كجامعتنا من الدول العربية والاسيوية والاوروبية، تسديدٌ مبارك ببركة إنسانية التعامل مع فئات الطلاب على مختلف مشاربهم لبنانياً وعربياً وأجنبياً، ولذلك فإن إدارة الجامعة تحرص على درس أقساطها بعناية وتجود على نسبة كبيرة منهم بالمنح الطالبية ما يضع الطالب أمام حظوة جودة التعليم بأقساط ميسّرة ومنافِسة. هذه السياسة المطبّقة تضاف الى مواكبة سياسات وزارة التربية والتعليم العالي، وتشكّل علامة فارقة تُرجمت تقدماً بارزاً في ترتيب اتحاد الجامعات العربية”.
وختم :” وبالعودة الى المؤلف الدكتور غازي قانصو نرى وبأنه وبكل ثقة يغرف من نهر أفكاره وأدبه، وبجرأة يخط مسارا ويعلنها ” إلى الشباب “، في ظرف قلَّ فيه الأدباء قل فيه القراء و طلاب الوعي، وإننا نبارك له سحر قلمه و نشد على حرفه ليزهر على ضفاف العمر شبابا لا رجعة فيه .إن كل ما تقدم من هذه الكلمة، ما هو إلا تحية رئيس الجامعة الإسلامية في لبنان الدكتور حسن اللقيس إليكم”.
الخطيب
والقى العلامة الخطيب كلمة قال فيها: “يسعدني أيها الأخوة أن أتحدث إليكم بمناسبة توقيع أ.د.غازي قانصو كتابه الموَجَّه لجيل الشباب، ويسعدني أن أتحدث إليكم عن الأهمية التي يُشكّلها هذا الجيل وعن دوره والتحديات التي تواجهه وحقوقه على المجتمع والدولة والمؤسسات التعليمية والتربوية، وما تتحمّله من دور في التأهيل والتوجيه والإعداد وتأمين سوق العمل لخدمة المجتمع بما يتناسب والاختصاصات التي حصلوا عليها بجهدهم وكدّهم بملاحظة التحديات التي تواجههم، ثقافية وأخلاقية وتربوية وتعليمية ومعيشية ليستطيعوا معها القيام برسالتهم في بناء المستقبل المرهون بهم.
فمستقبل البلاد يتوقف على هذه الاجيال الشابة المتوثبة بالحماس والمدفوعة بالآمال التي يجب الاستفادة منها، لأنها هي رأس مال أي أمة من الأمم، فلا يجوز تركها لمصيرها أو التخلي عنها أو النظر اليها بميزان التاجر أو المقامر، فهي قيمة أنسانية وثقافية وأخلاقية ومعنوية تستحق الاهتمام والاحترام والعناية وأن يبذل من أجلها ما تستحق ولا يجوز إخضاعها لأي اعتبار مادي آخر. ولأهمية الموقع الذي تحتله هذه الفئة كانت الاكثر تركيزا في اهتمامات العدو الذي عمل وبخبث على سلخها عن تاريخها وثقافتها واستبدالها بثقافة هجينة أخرى تغاير ثقافته الأصيلة التي عمل على تشويهها وتصويرها باعتبارها ثقافة متخلفةحملت وزر التخلف الذي يعاني منه، ووعد بأن خروجه من هذا الواقع مرهون بالتخلي عنها والسير وفقا لما تمليه عليه الدوائر المختصة في البلدان الاستعمارية المولجة وضع الخطط التربوية والثقافية وفقا للأهداف التي رسمتها والكفيلة بإخضاع بلادنا لإرادتها وجعلها دول تابعة لها تنفذ سياساتها مسلوبة الارادة والاختيار”.
لقد تم التركيز على وضع البرامج التربوية والثقافية كأخطر الادوات للتغيير المرتجى باعتبارها الاعمق أثرا والأبعد مدى والأقرب تحققا في البعد الزمني، فإن السيطرة عبر التغلب الثقافي والفكري أقل كلفة مما يستدعيه الصراع المسلح ولن يكون له ردة الفعل التي تعمق العداء لدى الشعوب التي تعرضت للهزيمة العسكرية وتدفعها للمقاومة الشرسة والانتقام للإحساس العميق المؤلم بالهزيمة.
أما حين تتبدل لديها المعايير وترى أن السبب الذي أوقعها في الهزيمة هو التخلف وأن علة التخلف تكمن في الثقافة والفكر والقيم التي تنتمي إليها وتقتنع بما أوهمها به العدو من انه غير طامع بها بل يحمل لها قيم الحرية والتقدّم والسلام والخلاص من التخلف مستغلا الواقع الذي تعيشه من الظلم والاستغلال والاستعباد، وقد أتى تحت عنوان الانتداب لتأهيلها ان تمتلك المعرفة اللازمة لتتمكن من أن تحكم نفسها بنفسها وتحت وطأة الصدمة التي أحدثها انتصار الحلفاء والشعور بالضعف الهائل أمام الواقع والسقوط المدوي للدولة العثمانية إلى جانب الشعور بالسخط من السياسات الخاطئة التي اتبعتها السلطة العثمانية مع أبناء القوميات التي كانت تحت سلطتها إلى جانب العديد من العوامل الأخرى، ومنها اتساع المد القومي الذي كان أحد التكتيكات للسياسة الغربية لتعميق الهوة بين القوميات داخل الدولة العثمانية التي وجد من يروج لها من المرتبطين بالغرب من صنائعه المتأثرين به ثقافيا والطامعين في خلق كيانات خاصة”.
أضاف :”ومن المفارقة، أن هذه الدعوات تزامنت مع السعي لتحقيق المشروع لاقامة الكيان الصهيوني واتخاذ فلسطين مقرا له، مما يدل على مدى عمق وخبث المخطط الغربي الاستراتيجي سعيا لتفكيك الدولة العثمانية بإسم القومية أولا ثم استتباعه في المرحلة الاخرى بالمشروع الوطني ثم بما يجري اليوم من تجزئة المجزأ بالعمل على تقسيم الأوطان إلى دويلات طائفية ومذهبية يأكل بعضها بعضاً ليصفو للعدو ما أراده من التخلّص الابدي من أية مناعة داخلية تقاوم هذا المخطط تُشكّل أرضية لعودة الوعي والشعور بوحدة القضية تجتمع على أساسها لمواجهة هذا المخطط الرهيب.
لقد قاد للأسف هذا الاتجاه النخبة المتغربة من العرب ساعدهم على ذلك ردة الفعل السلبية من الشعوب العربية على السياسات العثمانية الخاطئة التي كان عليها أن لا تتخلص من السياسات العنصرية التي تحكمت بالنخبة الحاكمة من الأتراك التي مارست ضد العرب لتقع في المخطط الغربي بدل أن يكون لها مشروعها القومي الخاص، فذهب الشباب العربي فريسة هذا الخطأ التاريخي وما زال يُدفع ثمنه إلى اليوم في صراعات داخلية قاتلة تحت عناوين ومشاريع تُنتج له تُستَغل فيها تناقضاته التي ما زال يستعيدها من ماضيه الذي صنعتها له الانظمة المتعاقبة من استخدام المذهبية الدينية والسياسية التي أشغلته بها عن التطلّع نحو المستقبل وإنتاج مشروع يُوحّد الأمة على قضاياها الاستراتيجية ويُعيد لها دورها الفعَّال يشارك في إنتاج نظام دولي أساسه القيم المعنوية والاخلاقية يُشكّل الحلّ البديل للنظام الدولي القائم على الصراع وموازين القوى الدولية المادية التي تفتقر للقيم المعنوية والاخلاقية والعدالة الاجتماعية.
أيها الأخوة، لقد فتحَ الغرب أبواب جامعاته العلمية للنخب الشابة في العالم العربي وتخرج منها الكثير ممن يحملون شهادات التخصص في سائر المجالات، ولكنه أيضا أدلجها بما يتناسب مع أهدافه الاستعمارية لتعود إلى بلادها لا لتحقق التقدم المنشود وإنما لتنشر الأفكار التي عمقت تبعيتها للغرب، فكان الجيل الشاب الذي يتخرج من الجامعات الوطنية الخاسر الأكبر والضحية للضخ الثقافي المُشوّه، يقولون أن الغرب فتح لنا أبواب الجامعات وحصلنا العلوم والاختصاصات ولكن المسؤول عن عدم الاستفادة منها النظم السياسية القائمة وهذا صحيح جزئيا ولكن الاصح أن النظم السياسية الحاكمة في بلادنا ليست مستقلة أيضا وهي خاضعة أيضا لهذا الغرب الذي يفرض عليها ألا تكون منتجة وأن تكون فقط سوقا لاستهلاك ما ينتجه هو أيضا”.
وتابع :”لقد قامت الحضارة الغربية على أساس الفكر الفلسفي المادي وهو الذي سبق قيام هذه الحضارة، فالفكر هو الأساس وما لم ننتج فكرنا الخاص الذي يتوافق مع قيمنا وتاريخنا فلن نفلح في أن نكون أنداداً له وأن نصنع حضارتنا ونحصل على حريتنا واستقلالنا وسنبقى أسرى للغرب وقِيَمِه التي تعتمد القوة والهيمنة والاستتباع، وهذا هو الفهم الذي يجب أن نعمل على تعميمه وخصوصاً على الفئة الشابة التي هي العمود الفقري للأوطان.
لقد برهنت الاحداث الخطيرة التي جَرَت على بلداننا في العقد الحالي وخصوصاً ما تعرّض له الشعب الفلسطيني على مدى تاريخ النكبة كم هو فاقد للشعور الإنساني هذا الغرب، وكم هو محكوم بهاجس السيطرة ولو أدى ذلك إلى هذا الكمّ الهائل من الضحايا المدنيين الذين يتعرّضون للإبادة بأسلحته التي يُزوّد بها العدو الصهيوني محمياً سياسياً ومادياً من قبله من العقاب، أليس هذا بكافٍ لشعوبنا أن تستفيق من غفوتها وسباتها؟؟ وكم تحتاج من النكبات لتعود إلى رشدها وتحكم عقولها لتخرج على واقعها المزري؟؟.
والعار والشنار الذي أصابها جرّاء ما يجري من مآسٍ على الشعب الفلسطيني بدل هذا الانكفاء المُذلّ على الذات والإغماض عمّا يجري ودسّ الرؤوس في الرمال، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها إن لم تستدركوا ما فاتكم من الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومن نصرته وتجتمعوا على كلمة سواء وتتخلّصوا من هذا الماضي، وأنا أخاطب اليوم الشباب والنخب من أبناء أمتنا العربية والإسلامية، والذي يعطينا الأمل هم الشباب الجامعي العربي والإسلامي من قلب الجامعات الغربية الذين استطاعوا أن يقلبوا الرأي العالمي الغربي والنخب من أبنائه في أعرق الجامعات، الذين يخلصون فينا الأمل أن يكونوا طليعة التغيير القادم في المستقبل الواعد والقريب حاملين مشروع الوحدة الحقيقية خارج الأطر المذهبية والطائفية المُتخلّفة في بلادنا العربية والإسلامية، يَلمّون الشمل الذي فَرّقه المذهبيون والطائفيون.
وإنني أُكرّر ما أردّده دائماً أن المطلوب هو استخدام المذاهب بوجهها الايجابي من التوجيه في استخدام قدراتها وإمكانيات في خدمة الأمة على أساس التسابق نحو خدمة الأمة لا على أساس الخصومة والغَلَبة وتفريق الأمة والدفع بها نحو العداوة والبغضاء على قاعدة: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} وعلى أساس: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}.
ومن هنا أباركُ للأستاذ الدكتور غازي قانصو هذا الجهد الذي يُعَدُّ إسهاماً في هذا الاتجاه ويخدم أقدس قضايانا الذي يُمثّله هؤلاء الأبناء من الشباب رأس مالنا الحقيقي وأهم ثروات اوطاننا وليس الذين يهدرون هذه الطاقات ويسيؤن لها بالتخلي عن مسؤولياتهم الإنسانية. فالشباب هم القيمة الانسانية الكبرى التي يجب حمايتها لا إنتاج الفساد الاخلاقي والاجتماعي وتفكيك الاسرة والمجتمع الذي نراه يوميا للأسف الذي يمثل عارا لا يمحى عن جبين الذين يروجون للفساد الأخلاقي، وما حصل للأسف من تعد على القصر والاحداث في الفترة الاخيرة ليس الا نتيجة لدعاة الشذوذ الجنسي وإشاعة الفحشاء في المجتمع الذين يعيثون فسادا على بعض القنوات التلفزيونية بكل وقاحة دون وازع من ضمير أو رادع من قانون، فأين السلطة المسؤولة؟؟ وأين المنظمات الاهلية وحقوق الطفل؟؟ أين هو صوتهم؟ أين الأمهات والآباء والأخوة والأخوات؟ لماذا هذا الصمت القاتل الذي يشجع هؤلاء القتلة للطفولة؟ هؤلاء قتلة بل أشد جرما من القتلة، ما كنت أحبّ أن نختم هذا اللقاء بالحديث عن هذه الجريمة لكن ما وقع لا يمكن السكوت عليه خصوصا أن تقوم بعض الجهات الاعلامية بالقيام بدور القضاء فليأخذ القضاء دوره وليأخذ من يجرمون ما يستحقونه من العقاب وهو الإعدام فهؤلاء مفسدون في الأرض وهل هناك إفساد أعظم من هذا؟؟!”.
وقال :”أتمنى أن تكون هذه الجامعة كما هي منطلقا لهذه الثورة الفكرية ولإنتاج الجيل الجديد الذي يسطر المعجزات اليوم وبالأمس في المقاومة التي أنتجها شعبنا، هؤلاء قيادات سياسية وعسكرية وعناصر هم من جيل الشباب الذين صنعوا المستحيل، اليوم على حدود جنوب لبنان في مواجهة أعتى آلة عسكرية إٍسرائيلية بكل شجاعة وبكل قوة حينما جَبُنَ الآخرون كانوا هم المتقدمون في هذه الساح، السلام على المقاومة قيادة وعناصر، السلام على الشهداء، السلام على شعبنا في الجنوب الصابر الصامد المضحي وفي غزة العزة الذي يدفع الأثمان من أبنائه ومن أرزاقه، هؤلاء هم الذين يصنعون لنا هذا المستقبل الراقي.
قانصو
وفي الختام، القى ا.د. قانصو كلمة قال فيها: في لحظة تتسامى فيها آثار الكلمات وتعبق بأريج الأفكار، يتشابك كل من الموضوع والزمان والمكان ليتِمَّ صنعُ منتجٍ قد يكون مفيدا باذن الله تعالى، بشَكلٍ يضفي على الحدث لونًا خاصًا ورونقًا متميّزًا. هكذا، نلتقي اليوم بلحظة قد تكون مهمةً في ساحاتنا الخاصة والعامة، لا ادعي فيها اني اكتشفت مكامن الاسرار لمعالم الحياة التي تخص الشباب. لكن في الحقيقة، وبعد عمر طويل قضيته مع الشباب بالغالبية القصوى من أوقاتي، منذ طفولتي، ثم تكرس هذا الامر بشكل جلي وواسع مذ بدات بالنشاط في الحقل العام، عام 1974 حيث كانت البدايات بالنسبة لي على المستوى الشخصي، حيث كنت من عداد الشباب مع سماحة الامام القاىد السيد موسى الصدر، اعاده الله ورفيقيه. وبعد مسيرة طويلة من العمل مع الشباب في التعليم والتربية والادارة والاجتماع المدني، لا سيما في المعهد الفني الاسلامي، ثم خلال التعليم الجامعي، فضلا عن انشطة شبابية تربوية واجتماعية، وفي غمرة من التفكر والتأمل، أنجَبَت هذه المعارفُ والخبراتُ على تنوعهما كتابًا جديدًا، يحمل في طياته تحية خاصة الى الشباب، ودعوة صادقة لاستكشاف عوالمهم، فتوجهت اليهم في اطار الفكر والأدب والعلم والثقافة مستفيدا من التجربة الانسانية على اكثر من صعيد في مجالات الحياة الشخصية وما يرتبط بها في عوالم الاجتماع والمعرفة والعمل والادارة والانتاج والمسؤولية والحرية والوجدان والمشاعر والحياة والموت والألم والقوة والتغيير والموقف والمال والأحاسيس المختلفة في حقلي المادة والنفس في حالتيهما المتنوعة.
“واضاف…إلى الشباب”… هو عنوان يحمل الكثير من المعاني والرموز، فهو ليس مجرد كلمات تحملها صفحات الورق، بل هو دعوة للانطلاق نحو آفاق جديدة، واستكشاف أفق الذات والمجتمع بعيون الشباب، هم القادة المستقبليون، الذين يحملون شعلة التغيير والتحدي، ويصنعون فجر الأمل بأفكارهم وأحلامهم الجامحة. فسلام لكم وعليكم أيها الشباب، وسلام على المقاومين الحافظين لثغور الوطن والأمة، في كل مكان، وسلام على الشهداء النبلاء الاصفياء الأوفياء بدمائهم وأرواحهم، لهم السلام والرحمة والرضوان من الرب العظيم، رب السلام، وخالقِ الأكوان.
في كل صفحة من صفحات هذا الكتاب، نجد أنفسنا أمام عالم متشعب ومتنوع، يعكس واقع الشباب بكل تنوعاته وتحدياته، وفي الوقت ذاته يلقي الضوء على الإمكانيات اللامتناهية التي تملكها هذه الفئة العريضة من المجتمع. فقد جسد الكتاب في صفحاته نقاطا اولية لرؤية مستقبلية قد تكونُ ملهمةً، تدعو إلى التفاؤل والعمل الجاد، وترسم خريطة طريق واضحة نحو بناء مجتمع أفضل، يستنير بعقول وقلوب الشباب الذي نريده فاعلا، صالحا، منتجا، مبتكرا، مبدعا. ومن باب الوفاء والعرفان، أتوجه بالشكر والامتنان، إلى صاحب المسيرة الأولى التي آمن بالشباب كل الايمان، وقد لمسنا هذا بلمسة الحق والحقيقة عنيت به سماحة الامام القائد السيد موسى الصدر، كما أتوجه بتحية الوفاء الى روح المفكر الكبير الامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والى خلفه الامام الراحل صاحب القلب الكبير الشيخ عبد الأمير قبلان، رحمهما الله تعالى، لهم منا كل الوفاء والثناء.
وتابع…واسمحوا لي يا سادة أن اخص بالتحية رئيس مجلس أمناء هذه الجامعة سماحة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الذي يتابع اشرافه على مؤسسات المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بما فيها الجامعة الاسلامية التي اولاها اهتمامه الاقصى، فإنه صاحب القلب الصافي غير الضنين ببذل النفيس من وقته وجهده وفكره وعلاقاته في سبيل أن تكون الجامعة مثالا للشباب، في اكتساب المعارف، وفي امتلاك الكفايات، من اجل بناء وطن عزيز، يكون منبرا لرسالة لبنان، ولبنى هؤلاء الشباب دولة المواطنة، حيث الكفاءات والقدرات تخدم الوطن كله، والإنسان فيه، كائنا من كان، وحيث كان، فلك يا سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب كل التقدير والوفاء، وكل التوفيق والسداد في مساعيك النيّرة، وخطاك الخيّرة من أجل لبنان كله ليكون وطنا لجميع بنيه. ويشرفني ان يكون ها التوقيع لكتاب الى الشباب تحت قبة هذه الجامعة المباركة، وإن جامعتنا هذه ما كانت لتنمو نموا مطردا، وتتوسع في مجالاتها المتنوعة من فروع، وكليات، واختصاصات، لولا الدعم الكبير الذي اولاه دولة الرئيس الأخ الاستاذ نبيه بري، والذي شملني برعايته، واولاني عنايته، فله التحية من قلب الوجدان، ومن ألق الفؤاد في ربيع الزهور، مدى السنوات والفصول والشهور، نسأل الله له طول العمر بأتم الخير واحلى العافية، والتوفيق لما يحفظ لبنان وابناءه.وأما انت يا معالي الرئيس الأخ الصديق الاستاذ حسن اللقيس، فلك مني صالح الدعاء لما بذلت في مسيرة الإصلاح للجامعة، بعد سنوات لها ما لها وعليها ما عليها، فقمت بما لم يقم به غيرك من تعزيز الجامعة بالكادرات الكفؤة، وأوليت إعادة التجهيز بشكل يناسب الجودة الحديثة، وتوسعت الجامعة في عهدك فروعا واختصاصات وكليات فضلا عن استيعاب أعداد كبيرة من الطلاب اللبنانيين، متبعا سياسة مالية رشيدة لصالح الطلاب والجامعة في آن، وسياسة إدارية حكيمة، لا هي بالشدة والإعسار، ولا هي بالضعف والانكسار، بل اعتمدت التيسير ضمن المسموح والمقبول، وفي مال المشروع والمعقول، والامساك بزمام الأمور بإحكام، ومتابعة المسائلِ بالتزام. دمت يا أيها الرئيس بالصحة ودوامها، وبالعافية تمامها، وأفضل التوفيق الى ساحات الرضا والصلاح والفلاح. لك مني ولكل الفريق معك الشكر الجزيل والامتنان النبيل.
وختم…لكم مني جميعا يا حضرات السادة المحترمين، ويا اخواني العمداء والاساتذة المتفضلين ، ويا ابنائي الطلاب والطالبات طيب التحايا حفظكم الله تعالى بجميل السجايا، لكم الشكر الجزيل لتفضلكم بالحضور والمشاركة، على أمل أن أكون عند حسن ظنكم. وأسأل الله أن يوفقنا ويسدد خطانا جميعا لخدمة عياله اجمعين. واسمحوا لي الان بتوقيع هذا الكتاب، وتفضلوا بقبوله، آملًا الاستفادة من رسائله وموضوعاته، الموجهة نحو شباب الوطن والأمة.