أزيح الستار عن تمثال رائد الأدب المسرحي الجاد البروفسور انطوان معلوف في حديقة الشعراء – الممشية في زحلة، بدعوة من بلدية زحلة – معلقة وتعنايل ومجلس قضاء زحلة الثقافي والأصدقاء والعائلة، وحضور بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي وبركته، وحضور النائب السابق لرئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، النواب سليم عون، الياس اسطفان، ميشال ضاهر ممثلا بعقيلته السيدة مارلين ضاهر، الوزير السابق كابي ليون، النواب السابقين: طوني ابو خاطر، ايلي ماروني، خليل الهراوي، شانت جنجنيان، فيصل الداوود ويوسف المعلوف، محافظ البقاع القاضي كمال ابو جودة، رئيس بلدية زحلة معلقة وتعنايل اسعد زغيب، رئيسة “الكتلة الشعبية” ميريام سكاف ممثلة بيوسف زرزور، مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود، مديرة عامة الشؤون الخارجية في مجلس النواب كريستين زعتر معلوف، نقيب اطباء لبنان في بيروت يوسف بخاش، الأساقفة: ابراهيم مخايل ابراهيم، جورج اسكندر، ادوار ضاهر، جوزف معوض، بولس سفر، انطونيوس الصوري ممثلا بالأب افرام حبتوت، المكرم البروفسور انطوان معلوف وعائلته، وحشد كبير من الشخصيات السياسية، العسكرية الأدبية، الثقافية، الإقتصادية، الإعلامية، والمدعوين.
استقبلت موسيقى فوج زحلة الأول في كشاف التربية الوطنية الحضور، وبعد عزف النشيد الوطني اللبناني ازاح البطريرك العبسي وزغيب الستار عن تمثال نصفي للأديب معلوف نحته الفنان جمعة الناشف وصمم ونفذ قاعدته المهندس الفنان غازي غصن.
وانتقل الحضور الى فندق قادري الكبير حيث اقيم احتفال خطابي استهل بالنشيد الوطني اللبناني انشدته الميتزو سوبرانو تيرا معلوف اعقبته كلمة ترحيب من مقدمة الاحتفال الأديبة الهام معلوف زناتي، وعرض فيلم وثائقي عن انطوان معلوف ” الملهم .. الملهم”.
وكانت كلمة لزغيب قال فيها: “نشهد اليوم على ولادة حارس جديد لمعبد الثقافة والابداع. زحلة نهر من الثقافة والفن والابداع، وكل ما سطعنجم جديد في سماء زحلة كلما ولد عظيم جديد. هذا الإبداع لا يجب ان ينتهي يوم التكريم، بل من هنا تبدأ رحلته”.
وألقى رئيس مجلس قضاء زحلة الثقافي مارون مخول كلمة في المكرم قال فيها: “البروفسور انطوان معلوف هو أستاذ الفقه المسرحي اليوناني والناقد الثقافي، هو ابن زحلة التي انجبت عظماء فسطع نجما رائدا في مجال العلم والفنون، وهو ذلك الصبي الصغير الذي شاهد مع والدته ذات يوم مسرحية “صلاح الدين” فنشأ في طفولته رهيف الحس، شغوفا بالفن، يقف أمام المرآة مبتسما ويدهن وجهه بالمساحيق ليتقمص شخصيات تاريخية تطوف في خياله، ويسرح معها وجدانه. لقد تعلق الكاتب انطوان معلوف بالفن الإغريقي، بما يحمله من ميثيولوجيا ماورائية، تقود إلى الفلسفة المتشعبة المرامي، والتي استحوذت على فنه وكتاباته”.
وقال: “لقد عشق انطوان معلوف الفلسفة المأساوية، وبطلها أرسطو، وأحب الفلسفة اليونانية، ورسم الأوبرا العالمية بكلمات سحرية باللغة العربية، ففتحت مسرحيته “عنتر وعبلة” رموش الضوء على أول أوبرا تغنى باللغة العربية، وحصدتٰ جوائز استثنائية، وهو صاحب “الإزميل” اول مسرحية عرضت على ادراح بعلبك وما زالت تدرس في الجامعة اللبنانية الى يومنا هذا واه مسرحية “بابل” و”داوود”و”غيرها” ، تلك العناوين التي تراوح مغزاها بين فخامة التراث والنقد المبطن لمرارة الواقع المفروض على الوطن والانسان”..
أضاف: “آمن الدكتور المعلوف بشفافية الوجودية، واختزل المدرسة الواقعية للحياة بقلم وحبر وأوراق تبيت الحقيقة دائما، وكان معتزا لانتسابه ٱلى عائلة المعالفة، التي يسري في جيناتها حب الشعر ورونق الابداع، وسخر الميثيولوجيا والتراجيديا الانسانية لإبصال أفكاره، وابتدع تمازجا بديعا يخلب الألباببين الأدب العربي والأدب اليوناني التراجيدي، وغاص بفكر أرسطو وبضرورة ابتكار رؤيا مسرحية تحدث انقلابا حقيقيا وزلزالا عظيما بفلسفتها الاستنباطية التي تغير المجتمع وتطور الأفكار والمعرفة والحضارة الشاملة”.
وشكر مخول البطريرك يوسف العبسي لرعايته هذا الحدث التاريخي ورئيس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل المهندس أسعد زغيب على تخصيص ساحة للنصب في حديقة الشعراء والادباء اشكر مجلس قضاء زحلة الثقافي ادارة واعضاء. وشكر الدكتورة هدى زوجة المحتفى به “التي أرشفت اعماله والشكر الكبير للدكتور غسان الاخ المحب الحنون وللهيئة الناظمة التي عملت جاهدة لانجاح هذا العمل، اشكر الفنان القدير جمعة الناشف الذي صب احاسيسه في رخام الابداع فكان هذا العمل المدهش”.
وكان عرض مشهد من اوبرا عنتر وعبلة التي كتبها المكرم انطوان معلوف، اعقبته كلمات للمايسترو مارون الراعي (اوبرا لبنان)، وهي الشركة التي انتجت اوبرا “عنتر وعبلة” وقال: “من نكرمه اليوم هو بالاضافة لمؤلفاتة الادبية والمسرحية هو ايضا اول كاتب نص للاوبرا الجادة باللغة العربية. هذا الانجاز التاريخي الذي الهم ليس الموسيقيين وحسب بل دولا اصبحت تتسابق لنيل هذا الانجاز الذي يكاد يقتحم اليوم جمود ورتابة الصناعات الثقافية والابداعية العربية ويشرع افاق الانتاجات الموسيقية الى ما لا حدود”.
وشبه الراعي زحلة بمدينة فلورنسا طبيعة وابداعا، متسائلا: “ما المانع من ان تستحق زحلة هذا اللقب وتعيد للبنان دوره الثقافي والفن الرائد من خلال احتضانها الاوبرا العربية صنيعة ابنها البار الدكتور البروفسور انطوان معلوف فتكون زحلة انطلاقة شرارة النهضة العربية المعاصرة والمنتظرة”.
ثم ألقى الشاعر جورج كفوري كلمة عدد فيها “ميزات المكرم وما تحلى به من خصوصية، مختزلا سيرة المعلم بأسلوبه المسرحي الذي يصعب الاجتزاء منه”.
وكانت وقفة اوبرالية مع الميتزو سوبرانو تيرا معلوف تلتها كلمة للدكتور جوزيف لبس وقال: “رافقت انطوان معلوف تلميذا وزميلا وصديقا اعواما كما لازم ارسطو افلاطون، وتعلمت منه دروسا ووصايا عشر. لقد ادهشنا وهو ابن 20 حين حصد الجوائز منفردا او مناصفة مع الكبار وادهشنا في العقد السابع حين تجسدت على خشبة المسرح الاوبرا العربية، وما زال هذا الرجل يدهشنا في السادسة والثمانين إذ سطر في الفكر السياسي سفرا يتلاقى فيه منطق اليونان وسياسة الرومان وبلاغة العرب”.
ثم ألقى نقيب الممثلين سابقا الشاعر جان كلمة قال فيها: “حملت قلبي وجئت لاقف امام هذا الكبير امام هذه القامة التي يعانق جبينها الشمس وانحني لاقبل يده مرة اخرى عرفانا وامتنانا لا لأنه علمني اللغة والأدب وفقه المسرح وشجعني على الشعر فحسب بل لأنه غرس في اعماقي صفوة القيم وتلك النزعة الانسانية الصافية التي على هداها رسمت مسيرة حياتي وفصولها. ان التواضع والصدق هما الصفات التي زانت اخلاقية هذا الرجل. مذ اشرف على الكتابة المسرحية وهو بعد في مطلع شبابه لم يكتب للتجاره او للتبجح بل كتب لإيمانه بالكلمة واليقين بأنها وحدها مسار الحياة الفضلى وخلاص الانسان من ربق الوجود”.
أضاف: “كتب للحق وعاينه وشهد له، كتب بلغة يفهمها الصغير والكبير. انطوان معلوف ليس اي كاتب والإرث الغني. الذي تركه للمسرح اللبناني والعربي هو جوهرة ماسية التوهج اضاءت عتمة النص المسرحي في مشرقنا، انه كاتب المستحيل وكاتب المعاناة الإنسانية المطلقة وكاتب الوطن المجروح حتى قبل ان يتفتح جرح هذا الوطن. كم انا مدين لك، ولطالما كنت لي القدوة والمنارة ولطالما اسرتني بدماثتك وهدوئك الطفولي ولطالما جذبت إلي عميق فكرك ومعرفتك وثقافتك الرزينة، ووقوفي هنا اليوم على هذا المنبر في زحلة المتألقة دوما لاقول كلمة فيك مدعاة فخر لي واعتزاز وانا اعترف ان ما جاء في كلمتي نزر يسير مما اردت ان اقول”.
وجرى عرض وثائقي يتضمن شهادات بالمكرم، وقدم مدير كلية الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية الفرع الثاني الدكتور برنار غصوب منحوتة للبروفسور معلوف، وقدم المهندس غازي غصن للمكرم لوحة بورتريه بالحبر الصيني.
بدوره نوه عبسي في كلمته بالمكرم معلوف، وبكتاباته التي اغنت المكتبة الأدبية في لبنان وقال: “لقد اسهم المكرم في بناء صرح المسرح اللبناني بكتابة مسرحيات تتجاوز حدود الكلمات لتقدم رسالة حية تعكس الحياة بألوانها وانغامها. الفن والمسرح عند الاستاذ انطوان معلوف هو مكان لتجسيد القيم المسيحية مثل المحبة والتضحية والرحمة والعدالة والحريات. كذلك الفن والمسرح عند البروفسور معلوف متسع للتعبير عن الالم والرجاء في الاوقات الصعبة كالتي نعيشها في لبنان وفي شرقنا بحيث تكون الكتابة المسرحية مصدرا للتعزية والتعافي وبمثابة ملجأ روحي للناس الذين يمرون باوقات عصيبه ومعاناه قاسية .. شكرا لك على ما ابدعته وقدمته بفضل تفانيك واخلاصك. انت باق في قلوبنا مثالا يحتذى به في المعرفة التي تعكس عمق الايمان المسيحي ومثالا في ان الاوطان والكنيسة تقاس بامثالك وليس بمناصب او مراكز “.
الختام كان مع كلمة العائلة القاها شقيق المكرم الدكتور غسان معلوف شكر فيها للعبسي بركته وحضوره، وشكر الأساقفة وبلدية زحلة ومجلس قضاء زحلة الثقافي والحضور وقال: “لا اعرف من سيغمض عينيه اولا انت او انا، ولكن الاكيد انه عندما اغمض عيني سيغمرني السلام والفرح لاني بهذا الاحتفال وحضور هذه النخبة اكون قد اعطيتك بعض ما تستحق وانت الذي امضيت حياتك متنسكا في غرفة لو نطقت حجارتها لاخبرتنا عن لياليك الطوال المضنية في الابداع وخلق شخصيات مسرحياتك القلقة واسئلتهم على الوطن والكون والمصير. كان هاجسك اننا لن نعيش مئات السنين لكن يمكن ان نبدع شيئا يستمر مئات السنين وهذا ما فعلته يا اخي. نعم كتاباتك ستبقى ويكفي انك واضع نص اول اوبرا باللغة العربية التي تلقفها المايسترو مارون الراعي بعبقرية موسيقية فريدة”.
واختتم الإحتفال بكوكتيل.