صدر عن “دار نلسن” في بيروت كتاب جديد للدكتور حسين كنعان (النائب الأول السابق لحاكِم مصرف لبنان) في عنوان “مسار العلاقات العرَبيّة – الأميركيّة غزّة ماذا بعد؟” هو دراسة تحليلية لتاريخ العلاقات العربية-الأميركية يوجه في مستهلّها السؤال الكبير: “لماذا لا تحلّ أميركا أزمة الشرق الأوسط بطريقة عادلة وتُعطي كلّ صاحب حقّ حقّه، لا سيما أن لديها قدرة على ذلك؟ ويصل في ختامها إلى حرب غزة ويتعمّق في أسبابها وخلفيّاتها وأبعاد الإبادة الجماعيّة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل الآلة العسكريّة الإسرائيليّة.
يتصمن الكتاب مقدمة وثلاثة عشر فصلًا: الدین عند الآباء المؤسّسین، دولة فتیّة ومبادئ تحت شعار الدیمقراطیّة، الاستراتیجیّة الأمیركیّة في الشرق الأوسط ودور اللوبي الصُهیوني، تغلغُل الصُهیونیّة في المحافِل الدولیّة وعجز العرَب عن صدّها، واشنطن والشرق الأوسط، الدول العرَبیّة ولُعبة الأُمم، النِظام الدَولي صناعة أمیركیّة!، مفاهیم النِظام السیاسي، ثورة وإصلاح، المیثولوجیا عند العرَب والیهود، الإرهاب من منظار الإمبریالیّة، التاریخ هو الحكَم، غزّة… ضحیّة النِظام الدَولي.
أشار كنعان في مقدّمة كتابه إلى أنه “لا يُخفى على أحد أن أميركا هي القوّة الخارِقة في العالم، لا يُنازعها أحد على ذلك، وهي تعمل على تأكيد مبدأ القوة على الصعيد: السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي. ومع الاعتراف بهذه القوّة والاعتراف بالجُرم الشنيع الذي أصابها في الحادي عشر من سبتمبر، ثمة اعتراف بأن كلّ دول العالم، بما فيها الدول العربية، وقفت معها لدرء هذا الخطَر المُحدق الذي لا يسلم منه المدنيّون والأبرياء في أرجاء العالم وليس في أميركا وحدها”.
أضاف: “إذا كان الإرهاب طرق باب أميركا في الحادي عشر من سبتمر، إلا أن الأنظمة العربية تعيش حالة إرهاب منذ أمد بعيد: إرهاب تمارسه الأنظمة على مواطنيها، وأكبر دليل على ذلك حُكم صدام حسين الذي استعمل قوة قمع مركزيّة لا تسمح لأحد بأن يُخالف أو ينتقد أو يُعارض أو يطالب بالتغيير. فقد كان سلاح الأنظمة في وجه شُعوبها بحجّة التحضير إلى التوازن الاستراتيجي والعسكري مع العدو، وعدم إعطاء التغيير أولويّة على القضيّة الكُبرى (الصّراع مع إسرائيل). كثيرة هي أسباب المعاناة والقهر لدى الشعوب العربية، ولكن هذه الشعوب على يقين بأن القسط الأوفر يأتي من الولايات المُتّحدة الأميركيّة أولًا في تسليط هؤلاء الفاسدين والمفسدين من الحكّام العرب وعدم سعيها إلى حلّ القضيّة الفلسطينيّة التي تُعدّ مركزيّة عند كلّ عربي”.
تابع: “في القرن الحادي والعشرين، أطلّت متغيّرات محورها أن أميركا تتحلى بقوّة لم تحظَ بها أي دولة في التاريخ، لكنها تُقاتل شبحًا ضعيفًا لا تعرف أين يختبئ وماذا يريد. في بحثنا هذا نحاول التوقف عند مقولة بعض المُحافظين الجدد الذين يدّعون بأن الإرهاب يكمُن لدى المُسلمين والإسلام، ونريد تسليط الضوء على أن الإسلام بريء كليًّا من هذه التُهم وأن الإسلام ليس إسلام طالبان ولا إسلام بن لادن… في الجزء الثاني، نركز على اليقظة الدينيّة الجديدة وحالة الجدال والنقاش التي عاشها الأميركيّون حول الإيمان ودور الدولة العلمانيّة والكنيسة”.
وخلُص إلى أن “أميركا قويّة وفي قدرتها مُجابهة أي تهديد مُحتمل على أمنِها بضربات وقائيّة استباقيّة أو مُباشرة، ولا تستطيع أي قوّة في العالم تهديد هذا الأمن إلا تلك القوى الخفيّة التي لا تؤذي القوة العسكريّة الأميركية مباشرة بل المدنيين الأبرياء. لكن على أميركا إدراك أن ليس بإمكانها وحدها القضاء على الإرهاب، بل تحتاج إلى التكافُل والتضامُن مع هيئة الأُمم والمُجتمع الدولي للتخلّص من هذا الشبح. فإذا حصل هذا التضامُن يُصبح العالمُ أكثرَ أمنًا وسلامًا، عندئذ ينصرف المُجتمع العالمي إلى حلّ المشاكل الاقتصاديّة والصحيّة والسياسية التي يواجهها، ويضع حدًّا لجشع الشركات والأفراد على حساب الفُقراء”.