
نظمت الحركة الثقافية – انطلياس حلقة حوار من جلستين بعنوان “أي لبنان في المرحلة الراهنة؟”.
أدار الجلسة الأولى أمين النشاطات في الحركة الدكتور أنطوان سيف، فقال:”مآس رهيبة عاشها اللبنانيون وتحولات كبرى ملازمة لتدخلات خارجية شتى في شؤوننا ومستبيحة لحقوقنا”.
أضاف: “يتزامن هذا اللقاء مع وقع حدثين وطنيين كبيرين بعد عقود من الإحباط العام والخيبات المتواصلة: انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة جديدة قال عنها رئيسها إنها “حكومة الإصلاح والإنقاذ”.
وتابع:”نحن ننضم إلى هذه الغبطة الشعبية والى هذا التفاؤل العام منوهين بأن التفاؤل الحقيقي يأتي اجمالا في أعقاب نظرة موضوعية الى الافعال الناجحة والإنجازات”.
وشاركت في الجلسة الأولى الدكتورة فاديا كيوان التي قدمت “قراءة جديدة في موقع رئاسة الجمهورية بعد الطائف”، ولاحظت أنه “في العقدين الاخيرين، خصوصا بعد انكفاء النفوذ السوري عن لبنان، تلاحقت الازمات في موعد استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية. وباتت النخب المارونية تدور في عين العاصفة. ومن الطبيعي ان يراود البعض حلم الاستقواء عبر تحالف ثنائي يسمح بالتحكم باللعبة السياسية”.
ورأت أنه “مع بداية عهد رئاسي جديد، فان شخصية الرئيس هي من خارج الوسط السياسي، ومن الواضح انه يتمتع بدعم دولي واسع. وهذه فرصة للبنان لاستعادة سيادته كاملة وتعزيز دور مؤسساته الشرعية واعادة بناء ما تهدم من جراء العدوان الإسرائيلي واعادة انطلاق قطار الاعمار. وكل ذلك غير ممكن ما لم يهدأ الصراع الطائفي المذهبي الدائر”.
وشددت على أن “مهمة رئاسة الجمهورية في هذه المرحلة تبدو مهمة تحكيمية بين المتصارعين، قوامها منع الاقصاء ومنع التسلط في آن والسعي الدائم لأقامة توازن بين مختلف الاطراف”.
بو مهلب
ثم تحدثت الدكتورة دعد بو ملهب عطالله عن موضوع “الدولة من الوجدان الى السياسة”، فأشارت إلى أن “أبرز ما يميّز هذا الوجدان هي محاولة التصدّي لسلطة تفرض عليه بالقوة، الإقتناع بعدم انبثاق الدولة عن حاجاته وتطلعاته، تبلور الحاجة إلى فكرة “الزعامة” لمواجهة الصعوبات، التمييز بين الخاص والعام بمعنى أن الملكية العامة لا تعنيه “إنها للدولة، التعامل مع الفساد المستشري والتعلّق بالأرض والانتماء إلى الأصول”.
وسألت:”الآن هل حلّ زمن المصالحة بين هذا الوجدان والدولة؟، وقالت:” قد تكون المواطنية هي الركيزة الأساسية للمرحلة المقبلة لكن يجب على طرفَي المعادلة، أي الشعب والسياسيون، أن يكونوا مواطنين صالحين، والركيزة الأخرى هي “الثقة” أي على السياسيين، يعني من تقع على عاتقهم مهمة”سياسة” الشعب، بمعنى قيادته وحكمه، العمل على الحصول على هذه الثقة. والثقة تنبثق من كون السياسي “رجل دولة” يعمل من أجل الوصول إلى دولة “حقيقية” يرنو إليها وجدان اللبناني”.
كما شارك في الجلسة الدكتور خالد قباني فتناول موضوع “السلطات الدستورية في اتفاق الطائف”، والدكتور محمد علي مقلد الذي تحدث عن موضوع “نحو دولة القانون والمؤسسات”.
أما الجلسة الثانية فأدارها الدكتور عصام خليفة وتحدث فيها الدكتور بشير عصمت عن موضوع “الفساد في لبنان: أزمة متجذرة أم حالة طارئة؟”، فاشار الى ان “محاولات الإصلاح التقليدية لم تحقق أي تغيير حقيقي، إذ إن الفاسدين يعيدون إنتاج أنفسهم ضمن منظومة محمية بالمال والنفوذ”.
ورأى أن “الفساد في لبنان ليس مجرد أزمة اقتصادية أو إدارية، بل هو نظام متكامل يحمي نفسه عبر شبكة سياسية ومالية. لذا، لا يمكن القضاء عليه باستهداف الأفراد فقط، بل يجب تغيير البنية التي تجعله ممكنًا عبر استراتيجيات جذرية تشمل ضرب الشبكات المالية الفاسدة، استقلال القضاء، تمكين المواطن من المحاسبة، وفرض رقابة دولية صارمة”.
وشدد على أن “من دون نهج جذري، سيبقى لبنان في دوامة إعادة تدوير الفساد، حيث تتغير الأسماء، لكن المنظومة تبقى كما هي، مما يعمّق الأزمات ويمنع أي تغيير حقيقي”.
كما كانت مداخلات للدكتور سمير مقدسي عن “تخطي الطائفية في لبنان”، والعميد جورج نادر عن “احتكار الدولة لحمل السلاح في اطار استراتيجية دفاعية وطنية” والدكتور ايلي يشوعي عن “سبيل النهوض من ازمة المالية وحتمية استعادة الودائع المصرفية”.