
انطلق عصر اليوم، 133 كاردينالا ناخبا من كابيلا القديس بولس نحو كابلة السيكستينا، وهم ينشدون طلبة جميع القديسين تلاها الدعاء القديم للروح القدس. وفي صمت مهيب وجو روحي، انقطعت كل صلة بالعالم الخارجي، وأغلقت الكابلة الشهيرة إغلاقا محكما، استعدادا للدخول في سرّ عظيم: انتخاب خليفة بطرس، راعي الكنيسة الجامعة.
وقف الكرادلة الواحد بجانب الآخر، لكن كلا منهم على انفراد، مستعدّ للإدلاء بصوته لاختيار من سيقود سفينة بطرس في بحر هذا العالم. تجري عمليات التصويت تحت قبة السيكستينا، المزدانة برائعة “الدينونة الأخيرة”، وقد تمّ تجهيز كلّ شيء بدقّة منذ يوم أمس: مقاعد من خشب الكرز مخصصة بأسماء الناخبين، مغطاة بأقمشة قرمزية، كراس مخملية، ملفات مزينة بإطارات مذهبة، أقلام، بطاقات اقتراع، كرات زجاجية لاختيار الفاحصين والمراقبين، خيط وإبرة لتثبيت البطاقات عند كلمة “Eligo”، (أختار)، لتُلقى لاحقاً في الموقد الشهير.
وذكرت صفحة الفاتيكان أن “الكرادلة غادروا، عند الرابعة إلا ربع تقريبا، مقرهم في بيت القديسة مرتا في مسيرة روحية نحو القصر الرسولي. صلّوا معًا في كابلة القديس بولس، ثم عبروا “القاعة الملكية”، وتوجّهوا نحو كابلة السيكستينا على وقع نشيد “طلبة القديسين”. وجوه من مختلف القارات، ألوان بشرة ولهجات وثقافات متنوّعة، صورة حيّة وشاملة للكنيسة الجامعة، كما أرادها البابا فرنسيس من خلال عشرة كونسيستوارات عقدها خلال حبريته”.
وأشارت إلى أنه “الكونكلاف الأكثر اكتظاظًا وتنوّعًا في التاريخ: ١٣٣ كاردينالاً من ٧٠ دولة عبر القارات الخمس، من بين الناخبين: أصغرهم، المطران الأوكراني ميكولا بيتشوك (٤٥ عامًا) أسقف أبرشية الروم الكاثوليك في ملبورن. وأكبرهم سنا الكاردينال كارلوس أوسورو سييرا، رئيس أساقفة مدريد الفخري (٧٩ عاما، سيبلغ الثمانين قريبا). حتى الكاردينال البوسني فينكو بوليتش، الذي كان حضوره مشكوكًا فيه بسبب حاله الصحية، دخل كابلا السيكستينا بمساعدة عكاز وذراع أحد الكهنة. دخل الكرادلة كابلة السيكستينا وتوزعوا حسب ترتيب الشرف ودرجة التعيين.
بدأ القسم بتلاوة النص اللاتيني الطويل تلاه الكاردينال بيترو بارولين، ثم أقسم كلّ كاردينال على الإنجيل المفتوح أمام المذبح: “أنا، … الكاردينال …، أعد، وأتعهّد، وأُقسِم. فليُعِنِّي الله، وهذه الأناجيل المقدّسة التي ألمسُها بيدي”.
وختمت: “عند الساعة السادسة إلا ربع تقريبًا، نطق رئيس الاحتفالات الليتورجية البابوية، المطران دييغو رافيلي، الصيغة الشهيرةExtra Omnes.
ثم أغلقت أبواب كابلا السيكستينا الثقيلة بإحكام، بإشراف الحرس السويسري. لقد مرت أكثر من 12 سنة منذ أن سُمعت هذه العبارة للمرة الأخيرة في العالم. من بقي داخل الكابلة؟ فقط الكرادلة الناخبون، رئيس الاحتفالات، والكاردينال رانييرو كانتالامسا الواعظ الفخري للقصر الرسولي، الذي ألقى تأملًا يساعد الكرادلة على إدراك جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وعلى ضرورة التحلي بالنية الصافية، والسعي فقط لإرادة الله وخير الكنيسة الجامعة.
وبعد التأمل، خرج المونسينيور رافيلي والكاردينال كانتالامسا، وأغلق الكاردينال كووفاكاد الأبواب بالمفتاح”.