
نظّمت دار نشر الجامعة الأميركيّة في بيروت، ندوة حواريّة بعنوان “إني رأيت في المنام: كتب تفسير الأحلام في الأدب العربيّ”، ضمن إطار مشاركتها في الدورة السادسة والستّين من معرض بيروت العربيّ الدوليّ للكتاب،جمعت بين الباحثة اللبنانيّة الدكتورة لينا الجمال والدكتور بلال الأرفه لي.
سلّطت الندوة الضوء على تقاليد تفسير الأحلام في التراث الأدبيّ والفكريّ العربيّ، واستكشفت أبعاده الثقافيّة والدينيّة والتاريخيّة. وقد أُقيمت الفعاليّة بدعم من كرسي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وبالتعاون مع مركز الفنون والآداب في الجامعة الأميركيّة في بيروت.
لينا الجمّال، حاصلة على دكتوراه في الأدب العربيّ من الجامعة الأميركيّة في بيروت (2021)، ومتخصّصة في استكشاف العلاقة بين الأحلام والبُعد المعماريّ في النصوص العربيّة الكلاسيكيّة. كما تتميّز أبحاثها الأكاديميّة بجمعها المتوازن بين الدقّة العلميّة والحسّ الأدبيّ الرفيع.
عملت الجمّال سابقًا كمساعدة بحثيّة في جامعة نيويورك – أبو ظبي، وتشغل حاليًا منصب المحرّرة المساعدة في مجلّة المركز: مجلّة الدراسات العربيّة، التي تصدر عن مركز اللغة العربيّة في أبو ظبي ودار “بريل” للنشر. كما ساهمت في تعزيز وصول المعرفة في العالم العربيّ من خلال ترجمة عدد من الأبحاث الأكاديميّة من اللغة الإنجليزيّة إلى العربيّة.
في هذه الندوة، استعرضت لينا الجمّال وبلال الأرفه لي تطوّر أدب تفسير الأحلام، بدءًا من النصوص الإسلاميّة الأولى، وصولا إلى المدوّنات التي ظهرت في العصر العبّاسي وما تلاه.
وقد تمحور النقاش حول أعمال تأسيسيّة، أبرزها كتاب «القادري في التعبير»، الذي يُعدّ من أهمّ ما وصلنا من كتب تفسير الأحلام في التراث العربيّ. وتناول الحوار الدور الذي لعبته الأحلام عبر العصور، ليس فقط بوصفها عناصر سرديّة، بل أيضًا كأدوات معرفيّة ساهمت في تشكيل الفكر العربيّ-الإسلاميّ.
في هذا الإطار، أشارت الجمّال إلى أنّها تتناول الأحلام في أعمالها لا بوصفها نصوصًا تاريخيّة جامدة، بل باعتبارها رؤًى حيّة نابضة بالمعنى، إذ تمزج في قراءتها بين نظرة الباحثة الأكاديميّة وخيال الكاتبة المبدعة. ويتجلّى هذا النهج بوضوح في كتابها “إنّي رأيت في المنام”، حيث تصحب القرّاء في رحلة داخل عوالم الأحلام كما حفظتها المخطوطات القديمة وصفحات الأدب العربيّ الكلاسيكيّ، كاشفةً عن طبقات خفيّة من المعاني والتأويلات.
ومن هنا، انتقل النقاش إلى بُعدٍ أعمق، إذ دُعي الحاضرون إلى التفكير في الدور الثقافيّ والدينيّ والفكريّ الذي ما زالت تلعبه الأحلام في تشكيل تصوّرات الإنسان عن الغيب والمصير والوعي.
كما أضاءت الندوة على التحدّيات التي يواجهها الباحثون المعاصرون في تحقيق هذه النصوص، وتأويلها، وإعادة وضعها في سياقاتها التاريخيّة الدقيقة، نظرًا إلى كونها لا تزال متجذّرة بعمق في المخيّلة الأدبيّة والروحيّة العربيّة.
واختُتمت الندوة بجلسة أسئلة وأجوبة تفاعليّة، وجّه خلالها الحاضرون أسئلة غنيّة إلى الدكتورة لينا الجمّال، فأوضحت أن عددًا من الأحاديث النبويّة يؤكّد على أهميّة الأحلام، لا سيّما تلك التي يراها الصالحون، مشيرةً إلى دور هذه الرؤى في شفاء أمراض جسديّة حقيقيّة أحيانًا.