
أقيمت الدورة الثانية عشرة من احتفال بيافBIAF (Beirut International Awards Festival) ، الحدث التكريمي الاستثنائي للاحتفال بالثقافة والفن اللبنانيين اللذين يتجددان على الدوام، تحت سماء بيروت، مدينة الفن والثقافة التي لطالما كانت منارة للإبداع في المنطقة، وفي ساحة النجمة وسط العاصمة وفي ظلال قبة البرلمان تأكيدًا على أن الإبداع لا يستسلم للأزمات والصعوبات.
على امتداد السجادة الحمراء، لم يتوقف العزف، فقد استُقبل ضيوف الحفل على أنغام آلات National Youth Ensemble The(الفرقة الوطنية للشباب) من طلاب الكونسرفاتوار بإشراف أوليانا كيسليتسينا، الذين عزفوا مقطوعات كلاسيكية أضافت لمسة من الأناقة والرقي على الأجواء، ومهدت الطريق لأمسية فنية مميزة.
افتُتح الحدث بحضور لافت ومفعم بالأمل للكونسرفتوار الوطني، حيث قدمت “أوركسترا الشباب للموسيقى الشرق – عربية” وكورال المعهد، عرضًا موسيقيًا مؤثراً تحت قيادة المايسترو القدير فادي يعقوب، فعزفت الأوركسترا مقطوعات لأغانٍ وطنية لبنانية خالدة، ملأت القاعة بحنين جارف إلى مجد لبنان وأمل في مستقبله. فكان أداء الشباب رسالة واضحة بأن الفن في لبنان لا يزال ينبض بالحياة، وأن الأجيال الصاعدة تحمل على عاتقها مسؤولية استمرار هذا الإرث الثقافي.
إحدى أبرز محطات الحفل، كان تكريم رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس. التكريم لم يكن لشخصها فقط، بل تقديرًا لمؤسسة عريقة تخرج منها أجيال من الموسيقيين، ولجهود القواس الكبيرة في إعادة إحياء المعهد بعد الأزمة التي كانت تنهكه وتعرّضه للإقفال، فعملت على النهوض بهذا الصرح الثقافي الوطني وتطويره رغم التحديات، فكان تكريماً للعطاء المستمر والإيمان الراسخ بأن الموسيقى هي القوة التي توحد الشعوب.
وبعد تكريمها، أطلت السوبرانو العالمية هبة القواس على المسرح، متوجهة بكلمة شكر إلى القيمين على المهرجان، مثنية على “إصرارهم على إقامة هذه الدورة رغم الوضع الحالي في لبنان، مشيرةً إلى ساحة النجمة، حيث أقيم الاحتفال، مستهلةً الكلمة ب “من قلبي سلام لبيروت، النجمة الأبدية الكونية التي تسكننا”، مستذكرةً عراقة مدينة بيروت التي تستحق الحياة بروح أبنائها وصمودهم في وجه التحديات. وأهدت الجائزة إلى روح والدتها التي رحلت أخيرًا والتي كانت الداعمة الأكبر لها في مسيرتها وحياتها، وهي المرة الأولى التي تعتلي المسرح في غيابها.
أضافت: “بعدما جلت العالم ووقفت على أهم مسارحه، وعزفت موسيقاي أعظم الأوركسترات العالمية، تبقى اللحظات الأهم في حياتي عندما عدت إلى لبنان وتسلمت إدارة الكونسرفتوار وأعدت فتحه بعدما كان مغلقاً ويمر في أصعب الأزمات، ولحظة أعلنت فيها عودة الأوركستراتين الفلهارمونية والشرق عربية”.
وأهدت الجائزة إلى الكونسرفتوار بمجلس إدارته وطاقمه الإداري وهيئته التعليمية وللأوركسترات وقادتها، كما أهدت الجائزة لأوركسترات الشباب التي اختارتها القواس لتشارك في الحفل لرمزية حضورها وما يمثله الشباب من أمل لمستقبل لبنان، وما يجسده دعمهم وحضورهم الذي ينبض بالحياة والغد المشرق للبنان. وقدمت أغنية “عرفت بيروت” من تأليفها الموسيقي. الأغنية التي تمثل قصيدة حب ووفاء لبيروت التي تحتضن أحلام أبنائها رغم كل الصعاب، وشكّلت ذروة الأمسية الفنية. فتفاعل الجمهور مع الأغنية بحرارة كبيرة، مؤكدًا أن بيروت ستبقى دائمًا مدينة الفن والجمال.
شهد الحفل حضورًا لافتًا من الشخصيات الفنية والثقافية والسياسية والاجتماعية، الذين اجتمعوا لتكريم نخبة من المبدعين اللبنانيين والعرب والعالميين.وقد أهدى المهرجان دورته الثانية عشرة إلى الشاعر والفيلسوف الراحل سعيد عقل، في لفتة وفاء لإرثه الثقافي واللغوي الذي ترك بصمة في وجدان اللبنانيين.
وانطلقت السهرة بتحية للموسيقار الراحل زياد الرحباني، عُرضت خلالها لقطات من أعماله الشهيرة. وكرّم المهرجان مجموعة من الشخصيات البارزة من لبنان والعالم العربي والعالم، ممن تميّزوا في مجالات الفن، الموسيقى، التمثيل، الإعلام، ريادة الأعمال، الخدمات الإنسانية، وقصص النجاح الملهمة.
تخلّل سهرة “بياف” العديد من اللحظات المؤثرة، في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت. كما شدد الحضور على أهمية إقامة هذا الحدث الفني، رغم الأوضاع السياسية المضطربة التي يعانيها لبنان.