
افتتحت الجامعة الأميركية في بيروت عامها الدراسي المئة والستين، في حفل أقيم اليوم ، في حضور أعضاء مجلس أمناء الجامعة وأساتذتها وموظفيها وطلابها وخرّيجيها وأصدقائها في مبنى “آسمبلي هول” للاحتفال ببدء عام جديد من العلم والخدمة والاستكشاف.
بعد الموكب الرسمي، وفق بيان الجامعة، ألقى رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري خطاب يوم الافتتاح وعنوانه “في اللحظة الراهنة”. وقال:” أنه هنا في لبنان، وهنا في الجامعة الأميركية في بيروت، “فاحتضان الحاضر ليس دومًا خيارًا، بل ضرورة. ومع ذلك، فإن إضفاء الوعي والغاية إلى تلك اللحظة يمنحنا البصيرة، ومع تلك البصيرة تأتي القوّة للبناء.”
وأشار إلى “أن الجميع معرّضٌ للضغوطات: الطالب الشاب الذي يعمل حتى وقتٍ متأخر من الليل، أو الأستاذ الجامعي الذي يبحث عن إجابات لمسألة بحثية، أو الوالدان اللذان يسعيان لتأمين رزق العائلة، أو العائلةً التي تواجه مرضًا خطيرًا، أو الأمة الواقعة في محنة. وقال، “ما تتطلّبه هذه الضغوطات لا يؤثر على حياتنا نحن فحسب، بل غالبًا على مستقبل الذين سيخلفوننا أيضًا”.
ثم استحضر خوري، مستندًا إلى جذور المؤسسة، كيف طرح المبشّر وليام ماكلور تومسون فكرة إنشاء كلية في بيروت عام 1862، وكيف حمل الرئيس المؤسّس دانيال بلس رؤية إطلاق الكلية البروتستانتية السورية عام 1866 خلال سنوات من الاضطراب في كلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وبلاد الشام.
وخاطب الحضور قائلاً، “تصوّروا. الكليّة بلا مبنى ‘آسمبلي هول’ العظيم، وبلا المساحات الخضراء التي تطلّ على البحر الأبيض المتوسط، بل مجرّد غرفة بسيطة تضمّ 16 شابًا متحمسًا للعلم، وبعض الأساتذة المميّزين من الولايات المتحدة وأوروبا وبلاد الشام، ورئيسٍ عازمٍ على اغتنام اللحظة التي مُنحت له.”
وأضاف، “عرف بلس كيفية التعامل مع الضغط.” موضحًا أن كتاباته تدلّ “على تقديره العظيم للّحظة الضاغطة وامتلاكه المهارة للتعامل معها.” وأشار إلى أنّ السنوات الخمس التي أمضاها بلس في جمع التبرعات ونيل الاعتماد كانت مليئة بالاضطراب على الجهتين المتقابلتين للمحيط الأطلسي: أميركا الغارقة في حرب أهلية، وبلاد الشام التي اجتاحتها النزاعات الطائفية.
وتابع، “في هذا العالم المضطرب والمعنى، حمل بلس رسالته لتأسيس مؤسسة للتعليم العالي.” وأضاف، “مع ذلك، ثابر بلس وكان مستعدًا وراغبًا وعازمًا على إطلاق ‘كليّته’.” وعزا صلابة بلس إلى خسارةٍ شخصية وسنوات الدراسة والعمل الشاق.
وتحدث خوري عن تجاربه مع الضغط في سن مماثل لسنّ بلس خلال سنوات عمله في جامعة إيموري، وذكر كيف دُعي مؤسّسو الجامعة الأميركية في بيروت إلى مواجهة التحدي في لحظات الضغط، كما يُدعى قادتها وطلابها اليوم.
وفي تأمله في فترة رئاسته المستمرّة منذ عقد، أقرّ خوري بالتحديات الجسيمة التي واجهها لبنان والجامعة – من الانهيار الاقتصادي والتقلّبات السياسية إلى الصعوبات التي يواجهها الطلاب والعائلات. وشدّد على أن الضغط قد يكون محرّكًا للتغيير، وقال، “بعد كل ما تحمّلناه، أصبحنا اليوم جامعة أكثر تميّزًا وشمولًا وتنوّعًا وانتشارًا. ولم ننجُ من التحديات الجسيمة التي واجهناها فحسب، بل ازددنا اتحادًا وتركيزًا على رسالتنا والتزامًا بها أكثر مما كنّا عليه لبعض الوقت.”
وأضاف:” أن هذا التركيز المتجدّد على رسالة الجامعة قد جعلها “أكثر قدرة وجهوزيّة بكثير، لخدمة مجتمعنا والوطن الذي نعيش فيه، وكذلك سائر المناطق التي نستقطب منها طلابنا وأساتذتنا.” لكنّ الضغط، كما قال، “يمكن أن يكون محرّكًا للتغيير. ومهما كان مصدر الضغط، فإن بعض ذلك التغيير إيجابي بلا شك.”
وفي الختام، حثّ خوري أسرة الجامعة على اغتنام العام القادم لا بالصمود فحسب، بل بالحضور، قائلاً، “وبينما نخطو معًا نحو هذا العام الدراسي الجديد، فلنغتنم لحظتنا بكل ما فيها، هادئةً كانت أم فوضوية، عاديةً كانت أم استثنائية. لنأخذ ما هو متاح لنا من فرص، ونتعلم من الضغوطات التي تصقلنا، ولنَبْنِ — في كل تفصيل صغير أو إنجاز كبير — المستقبل الذي نتخيّله. اليوم، بل هذه اللحظة بالذات، هي حقًا ملكٌ لنا.”