
شهد دير مار سركيس وباخوس في اهدن، أمسية تكريمية بعنوان “المُسافر وحيدًا” تحيّة إلى الشاعر والكاتب عيسى مخلوف، بحضور رئيس الدير الأب زكا القزّي وجمع من محبّي الادب واصدقاء الشاعر.
واستهل الدكتور فوزي يمّين كلمته بالقول: “لم نشأ أن نقدّم عيسى مخلوف الشاعر والكاتب بطريقة تقليدية لذلك ارتأينا مسرحة مجموعة نصوص من مؤلّفاته بعنوان ‘المسافر وحيداً’، لما تحمله من سفر وعودة، غياب وحضور، حرب وحلم، ولادة وموت، وكل ذلك بروحانية رقّت حتى شفّت، متلمسة أطياف الفجر والغياب والجمال”.
وأضاف: “سافر يافعاً من هنا ليشقّ مغامرته الأدبية والإنسانية متجوّلاً حول العالم لعشرات السنوات، وعاد اليوم من باريس، مكان إقامته، إلى إهدن، مسقط رأسه وروحه، بمحاذاة هذا الجبل الذي وُلد عند سفحه- شجرة جذورها في الأرض وأغصانها في السماء- على أنّ سفر عيسى ليس سفراً في الجغرافيا فحسب، بل هو سفر في الذات”.
وختم يمّين: “هكذا يبدو أننا كلنا مسافرون، أليس كذلك؟”.
القراءات الممسرحة
وتضمّنت الامسية قراءات ممسرحة من نصوص مخلوف، أعدّها وأداها كل من: سيمون قندلفت، فوزي يمّين، جوزيان قندلفت، وهنّود يمّين، ودامت نحو خمسين دقيقة، توزّع خلالها القرّاء الاربعة خلف عوازل شفّافة، يتوارَون وراءها حينًا ويطلّون منها أحيانًا، في لعبة بصرية مدروسة. وتضافرت الإضاءة مع هذه الحركة لتولّد ظلالًا أضفت أبعادًا رمزية على النصوص المقروءة. وارتكزت مرافقة غابرييلا غزالة الموسيقية على إيقاع جرس الكنيسة، الذي تردّد بنغمة ثابتة وأنيقة، ليشكّل خلفية صوتية خاصة عمّقت جوّاً روحياً للأمسية.
مخلوف
وختام القراءات كان مع المحتفى به الذي تلا نصاً عن السفر. وفي كلمته، عبّر عن سعادته بلقاء الحاضرين في هذا الصرح، في هذا المكان التاريخي “الذي يتجاوز وظيفته الدينية ليحمل وظيفة روحية كبرى، منفتحة على الأديان والإتنيات والأجناس”.
واعتبر أنّ “هذه اللحظة تمثّل تجليًا يلتقي فيه الجمال الطبيعي بجمال الفن والشعر والأدب والموسيقى والمسرح”، مشيرًا إلى أنّ “هذه هي اللغة الحقيقية، لغة الخلاص والإبداع، في مقابل لغة السوء التي تشوّه الحقائق”، مؤكدا “الحاجة الماسّة في هذا الزمن للبحث عن المعنى الانساني الذي هناك من يسعى الآن لفقدانه واضاعته”.
واستعاد علاقته بالمكان الذي يحمله معه، الحاضر في طفولته، قائلاً: ” إنّ أوّل منحوتة رأيتها في حياتي كانت هذا الجبل قبل أن أتعرّف على ساحات العالم ومتاحفه، فهو الجمال الطبيعي، والشاهد على ثبات الجمال، وعلى وجوهنا الأكثر صدقًا وثباتًا في الزمان”، واصفاً مدينته “بالمتحف المفتوح”.
وختم: “انّ المجتمع المتعدّد ثري ومبدع ومعطاء، لكن علّمتنا التجربة اللبنانية انّ التعددية تحمل وجهين: وجه سلبي يقود إلى الحروب الأهلية، ووجه إيجابي يؤسّس لحياة جديدة، لروح جديدة ولمجتمع جديد”.