
صدر عن دار السويدي للنشر والتوزيع والمؤسّسة العربية للدراسات والنشر كتاب “باريس التي عشت – دفتر يوميات” للكاتب والشاعر عيسى مخلوف، وهو العمل الفائز بـ جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة – فرع الرحلة المعاصرة 2025. الكتاب الذي صمّم غلافه ناصر بخيت يقع في 287 صفحة.
نوري الجرّاح
في إهدائه، يوجّه مخلوف كتابه “إلى خِفاف الرُّوح الذين خَطفًا يأتون وخَطفًا يذهبون”، فيما يتساءل ناشر السلسلة نوري الجرّاح “مَن هم خِفاف الرُّوح الذين أَهدى إليهم صاحب هذه اليوميات كتابه؟ بلغةٍ رائقة ووعي شاعر درّب نفسه على اعتبار الشعر خالق اللغات، وبأريحية الفكر المنفتح على الاختلاف لإثراء الذات، يمارس صاحب هذه اليوميات لعبة المرايا باحثاً في الآخر عن ذاته العميقة”. ويضيف الجرّاح أنّ “هذه اليوميات بمثابة رحلة مثيرة نتقرّى خلالها وجوه تلك الشخصيات الأدبية والفكرية والفنية الباريسية اللامعة، وتلك التي اجتذبتها أنوار باريس، فتقاطرت من مشارق الأرض ومغاربها لتقيم في عاصمة الأنوار، وتصنع معجزتها الأدبية والفنية وتتبادل مع باريس لغة الأنوار. وقد نال عنها صاحبها، بامتياز، جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة – فرع الرحلة المعاصرة”.
عيسى مخلوف
في مقدّمة الكتاب، يكتب مخلوف: “في هذا الكتاب، أحاول أن أرصد ملامح من حركة المدينة وحياتها الثقافية في مرحلة ذهبيّة يتعذّر حصرها واختصارها في مؤلَّف واحد. أرصدها عبر وجوه مقيمة فيها، او أتت اليها… إنّها عيِّنة من ذلك المختبر الواسع والمشرَّع الآفاق، ومن أسماء رافقتُ تجاربها عن قُرب، في بيئة متعدّدة ومتنوّعة، نقيضة الأحاديّة الثقافيّة، وهذا ما منحها بريقها الخاص بين النصف الثاني من القرن العشرين وبدايات هذا القرن”.
محتوى الكتاب
يمضي مخلوف في القسم الأوّل إلى رسم بورتريهات حيّة لمن التقاهم أو عايش حضورهم الثقافي في باريس. يصف إيف بونفوا بأنه “سليل بودلير ورامبو ومالارميه”. مع إيتل عدنان، يلتقط ملامح “الكاتبة والفنّانة التي أحبّت المدينة وأفردت لها كتاباً بعنوان ‘باريس عندما تتعرّى’ “. يروي لقاءه مع إدوارد سعيد حين دعاه سارتر ودوبوفوار إلى حوار فكري في باريس عام 1979، حيث “انتقد سعيد سارتر وميشيل فوكو بخصوص موقفهما من القضيّة الفلسطينيّة”. عن أندريه ميكيل، يستعيد أوّل لقاء لهما في المكتبة الوطنيّة الفرنسيّة. أما حضور صليبا الدويهي، ابن إهدن الآتي من نيويورك، فيصفه مخلوف “المنغمس في مساحاته الفنّيّة المجرَّدة”، شفيق عبود “في محترفه العابق بالحنين والذكريات”. ويقف عند آدم حنين “بين ورق البردي والحجر، بين قُرص الشمس والمسلات”، ويرى في صلاح ستيتيّة “جسراً بين ضفّتين، ومعركة غير متكافئة مع الوقت”. ويستعيد مع سعد الله ونوس “مواجهة الموت”، ومع آسيا جبّار “حضور تاريخ الاحتلال الفرنسي للجزائر”، والمرأة في ظلال لوحات دولاكروا. يمرّ أيضاً بـ أمجد ناصر “الشاعر المسرع في الرحيل”، وفاروق مردم بك “الواقف بين الأدب والسياسة، الماء والنار”. ويلمس أثر بورخيس ‘أعمى المتاهات البصير’، في الفندق المجاور ل معهد الفنون الجميلة. والتواصل مع فيليب جاكوتيه؛ جان جنيه؛ كما يحضر مارسيل بروست في بحثه “المضني والرائع عن الزمن المفقود، وفي حضوره في المشهد الادبي الفرنسي”.
أما القسم الثاني من الكتاب، “مراجعات ومواقف”، فيضيء فيه على شخصيات وتجارب فكرية مثل اندريه ميكيل و”لياليه العربية”، رولان بارت “أمام واقع الحياة وأساطيرها”، وسيمون فتّال ومنحوتاتها وشهادتها برفيقة دربها إيتل عدنان، وإدمون عمران المليح “في بحثه عن أرض أخرى”، إلى كلود لُومان “نافذة التشكيل العربي في الخارج”. كما يضم الكتاب مختارات شعرية مترجمة لشعراء فرنسيين وعرب كتبوا بالفرنسية ورد ذكرهم في المتن، الى ملحق صور فوتوغرافية ورسوم ولوحات ومخطوطات قديمة، تضيء على بعض اللحظات والشخصيات الواردة في النص.