
أعلنت جمعية “عدل ورحمة” في بيان صدور تقريرها السنوي (2024)، وفيه “لمحة عن رؤية الجمعية في خدمة الإنسان والدفاع عن حقوقه وصون كرامته، ونشاطاتها وبرامجها التي نفذتها خلال العام المنصرم وطاولت نزلاء السجون والمرتهنين للمخدرات والمهمشين والضعفاء”.
ويلقي التقرير الضوء على “مسيرة الجمعية التي تجتهد بلا كلل لضمان العدالة والمساواة والرحمة للمهمشين والضعفاء في مجتمعنا، والقضاء على التعذيب وكل أشكال المعاملة القاسية واللإنسانية والمهينة، فضلا عن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام وتأمين حقوق السجناء، والمرتهنين للمخدرات، ومجتمع الميم، والنازحين واللاجئين، وطالبي اللجوء، إضافة إلى المرضى وحاملي فيروس نقص المناعة المكتسبة”.
كذلك تضع الجمعية في أولوياتها “تحسين النظام السجني اللبناني عبر تعزيز العدالة والرحمة، وتطبيق الإصلاح الاجتماعي وإعادة الإدماج، وتلتزم الدفاع عن حقوق السجناء وأسرهم، ودعم الفئات الضعيفة في المجتمع، سواء من خلال الاستشارات القانونية أو الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية. كل ذلك يندرج ضمن رسالتها التي تضطلع بها منذ تأسيسها وهي التوق إلى عالم خال من التعذيب والقمع، يتم فيه التعامل مع كل فرد بكرامة وعدالة، وتحترم حقوق الإنسان وتصان من دون تمييز، وتهدف إلى تعزيز الفهم والتعاطف والتضامن بين المجتمعات، وتعميق ثقافة القبول والشمول”.
يبدأ التقرير بمقدمة بقلم رئيس الجمعية الأب الدكتور نجيب بعقليني في عنوان “الأمل يخرق الخيبات…حان وقت التحولات”، من ثم تتوالى الأبواب التالية: تمهيد، تاريخ جمعية عدل ورحمة ودورها، رسالتها، رؤيتها، قيمها الأساسية، أهدافها، كما يتضمن نظرة مفصلة عن أقسام الجمعية وخطط عملها والاستراتيجيات التي نفذتها والصعوبات والعوائق التي واجهتها:
– تدخلات ونشاطات قسم العمل الاجتماعي: اجتماعات فردية مع السجناء، الدعم الأسري والمتابعة الفردية.
-التحديات في العمل داخل سجن رومية: التحديات اللوجستية والإدارية، بيئة السجن وظروف النزلاء، التحديات الاجتماعية والثقافية، التحديات الصحية والأمنية، التحديات المهنية والأخلاقية، استراتيجيات مقترحة لتجاوز الصعوبات. من أقوال السجناء لفريق الجمعية.
-نشاطات القسم القانوني: مكان تقديم الخدمات، الإنجازات البارزة، متابعة مصير الدعاوى، طلبات إخلاء السبيل، تصحيح الأخطاء القانونية، شطب الإشارات، دفع الرسوم والغرامات، إدغام الأحكام، التحديات والصعوبات.
-تدخلات ونشاطات القسم النفسي: التدخل النفسي في سجن رومية، نظرة عامة، عدد المستفيدين، الأضرار النفسية، التحديات والتأثير على مستوى النظام السجني، على مستوى التدخل النفسي، نتائج التدخل العلاجي، أقوال السجناء. الخدمات النفسية في بيت الإيواء.
-بيت الإيواء الرابية: أهداف بيت الإيواء، الخدمات الأساسية التي يقدمها بيت الإيواء، المستفيدون من خدمات بيت الإيواء، فريق العمل، الخدمات الإضافية.
-برنامج علاج ناهضات الأفيون Opioid Agonist Treatment OAT: أهداف البرنامج، آلية العمل، إنجازات البرنامج لعام 2024.
-لجنة مكافحة تعاطي المخدرات (CLT أوDAC)
-البرنامج الوطني لمكافحة السيد (NAP)، الجدول 1: وصف موجز لعدد وتاريخ جلسات التوعية التي تم إجراؤها”.
وفي التقرير أيضا: ورشة عمل، مشروع مناهضة التعذيب ونشاطات الجمعية.
بعقليني
من جهته، أكد بعقليني في تقديمه للتقرير أن “الجمعية منذ تأسيسها تناضل من أجل حقوق الإنسان والحرية والديموقراطية، بما في ذلك الحق في الحياة، التحرر من العبودية والاستزلام والتبعية والتعصب، الحق في حرية الرأي والتعبير والعمل والتعليم وغيرها. كذلك تناصر جمعيتنا المهمشين وفاقدي الحرية، والمظلومين، والمدمنين على المخدرات الذين تحرروا من الارتهان لها، وتساعدهم في تخطي العراقيل والصعوبات من خلال دعم قانوني ونفسي ومادي ومعنوي بهدف تأهيلهم وعودتهم إلى نظام حياة عملي مقبول من المجتمع”.
وقال:”منذ 26 عاما، نرفع لواء الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته، ونطالب المسؤولين عن مسيرة الإنسانية، بالعمل الجاد والمستمر لحسن تطبيق حقوق الإنسان وبناء مجتمع سليم، قدر المستطاع، يحقق أهداف التنمية المستدامة. من هنا، لا بد من مطالبة هؤلا المسؤولين المتسلطين القابعين في السلطة والمتحكمين بمسيرة الإنسانية، أن يأخذوا على عاتقهم القيام بأداء جيد عبر إدراج تحسينات وتشريعات ملائمة، وإصلاحات حقيقية وعملية، بعيدا عن الفساد والغش والبطش والعقوبات الاقتصادية والحروب العبثية التي تخدم تسلطهم ومصالحهم الخاصة الضيقة وتقضي على حياة الناس”.
بعدما ذكر ب”دور المجتمع المدني في تطبيق القيم الإنسانية والأخلاقية، ومعاناة المجتمعات من الحروب والويلات وتداعياتها السلبية، وفوضى تطبيق الأنظمة والمعاهدات والقوانين، وتحكم المسؤولين بالسلطة القائمة على الفساد، والزبائنية والتذاكي، والعنف والعنصرية والتسلط وغيره”، قال بعقليني: “بالتأكيد يخرق الأمل الخيبات. ألم يحن وقت تطبيق خطط النهوض والتعافي الاقتصادي وتطبيق القوانين، وتفعيل سلم القيم، وتأمين الحماية الاجتماعية، ومكافحة الفساد والظلم وغيرهما من الآفات القاتلة؟ نعم، حان وقت التحولات. لا بد من أن نتجه نحو غد أفضل وعالم أفضل. نتجه نحو غد أفضل عندما نفسح في المجال للتعليم والتعلم والثقافة والتربية، وهي كلها تسهم في صنع القرارات المصيرية من خلال إشراك شرائح المجتمع كافة في تقرير مصيرها وخياراتها”.
وإذ أشار إلى “ضرورة تفعيل قرارات هيئة الأمم المتحدة من قبل الدول الموقعة على وثيقة الإعلان العالمي لشرعة حقوق الإنسان”، لفت الى ان “النظم السياسية الجيدة القائمة على الحرية والديموقراطية، تدفع إلى ممارسة العدالة واحترام التعددية والهوية الثقافية لكل مجتمع. ننتظر من التحولات في بلادنا ومنطقة الشرق الأدنى، أن تؤدي إلى تطور في الفكر الإنساني وتطبيق أداء صحيح وممارسة فعالة على أسس الشفافية والمساءلة. كل ذلك يساعد في تفعيل المواطنة التي تحاكي فعلا وقولا حقوق الإنسان، وتثبت القيم الإنسانية المشتركة”.
ودعا أفراد المجتمع في بلادنا، إلى “التعاطي بمسؤولية وإيجابية مع ما يحدث من تغييرات فاعلة وجدية، ترسخ حاجات المجتمع الأساسية، التي تصب في خانة الحياة الكريمة القائمة على احترام الآخر المختلف، وتنمي روح التعاضد والحس الإنساني، وتعطي فرصا للشباب من أجل بناء غد أفضل. لكن مع كل ذلك، لا يمكننا أن نتغافل عن الصراعات الاقتصادية الظاهرة للعلن بين الدول، والتنافس المقلق بين الاقتصاديات الدولية التي تحتاج إلى الإنتاجية المفرطة والتي تقزم الفرد”.
واعتبر أن “الصراعات الاقتصادية والعسكرية، ونشوء قوى مركزية عالمية، تؤدي إلى تفاقم الأزمات ومنها العنف السياسي والتوجهات الفكرية والاقتصادية”، وقال:”من هنا لا بد من أن تضع التحولات توازنات اقتصادية دولية جديدة، لينعم العالم بأمان وسلام دائمين، وللحد من الثورات والنزاعات، وخصوصا في منطقة الشرق الأدنى. فلا بد للأمل من أن يخرق الخيبات، ولا بد من أن يبادر أصحاب القرار إلى مناقشة قضايا العالم بجدية وعمق متكلين على أهمية الابتكار، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة، والتكنولوجيا الحيوية، بهدف تعزيز مستويات المعيشة ومضاعفة الإنتاجية”.
ولفت إلى أن “أصحاب القرار العالمي يشاركون في الاقتصاد والمال والإنتاجية والتجارة، طبعا لا ننكر أهمية وضرورة تلك الحمايات للمجتمع، بعدما أصبح عالمنا ينوء تحت التعقيد المتزايد والسرعة، فتعمقت الانقسامات المجتمعية وأصبحت الجغرافيا السياسية متعددة الأقطاب واتجهت السياسات نحو الحماية. ومع ذلك، لا يحق لنا أن نحبط العزائم، وأن نخاف من الغد، لأن الغد هو للقانون والعدالة والقيم والحوكمة الرشيدة. تتحرك السياسة العالمية نحو عالم أفضل. هل نصدق تلك الآمال ونبنيها معا؟ أم نواجه الاشكاليات، بالوقوف في محطة الانتظار والتنحي عن مسؤوليتنا والهروب إلى الأمام؟ لا بد من أن نكافح معا لتطبيق ميثاق شرعة حقوق الإنسان من خلال العودة إلى الذات، ومطالبتها بالتقيد بالأنظمة العالمية، والمحلية، وتطبيق القوانين والشرائع السماوية وتعاليمها”.
وختم: “دعوتنا اليوم إلى عالمنا المتحول نحو الأفضل، ألا يتنكر للرجال العظماء الذين صنعوا السلام . ألا يحق لنا أن نحلم بعالم أفضل؟ ألا يحق لنا أن نحلم بعالم أفضل يخرج من التقوقع والعنصرية والتسلط والاستبداد والتقهقر الفكري والأخلاقي، ويتصدى بحرية وبطرق سليمة وسلمية لانحدار الإنسانية؟ نعم، على شعبنا أن يثور بطريقة حضارية على ذاته، أولا، ومن ثم على كل اعوجاج يهدد مصير المجتمع. نعم، نؤمن بالإنسان الحالم بعالم جديد على أسس الأمل والرجاء. غدنا مبني على رؤية واضحة المعالم، قدر المستطاع، وطريق مخطط له نحو مشاريع متطورة وأفكار جديدة وبرامج بناءة وهادفة، وعمل رصين علمي وفاعل ومنتج. لذا علينا التعاطي مع حاضرنا بأساليب علمية وإنسانية، من أجل غد أمثل وإنسان أكثر رقيا وسعادة”.