أقام معهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين في طرابلس لقاء بعنوان “قانون الشراء العام: دور اساسي في الشفافية ومكافحة الفساد”، في القاعة الكبرى في دار النقابة، برعاية نقيبة المحامين في طرابلس ماري تراز القوال، تلاه تدريب تقني وقانوني على أساسيات الشراء العام ومسار التحديث على مدى خمسة أيام، وذلك بالتعاون مع المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم (LFPCP) والمنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية وهيئة الشراء العام.
حضر اللقاء النائب إيهاب مطر، الوزير السابق سمير الجسر، النائب السابق رامي فنج، رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية، القاضي في ديوان المحاسبة ايلي معلوف، ممثلة محافظ عكار عماد اللبكي أمينة سر المحافظة رولا البايع، قائمقام زغرتا ايمان الرافعي، عضو المجلس الدستوري سابقا الدكتور انطوان مسرة، رئيسا اتحادي بلديات الفيحاء حسن غمراوي والكورة ربيع الأيوبي، رئيس دائرة البلديات في محافظة لبنان الشمالي ملحم ملحم، نقيب اطباء الأسنان الدكتور ناظم الحفار، ممثل نقيب المهندسين في طرابلس بهاء حرب المهندس جوزيف عبد الله، النقيبان السابقان للمحامين ميشال الخوري وانطوان عيروت، أعضاء مجلس النقابة، رؤساء مجالس بلديات في طرابلس والشمال وممثلون عن جمعيات أهلية خيرية ومنظمات دولية.
فرح
بداية قالت مديرة معهد حقوق الانسان في النقابة دوللي فرح: “من ضمن سلسلة نشاطات المعهد هذا العام نلتقي اليوم لنفتتح دورة تدريبية معمقة حول قانون الشراء العام 244/2021، فلهذا القانون دور أساسي في الشفافية ومكافحة الفساد، ومن هنا نطلق الدعوة للإستجابة في رفع مستوى الوعي بين الجهات الاقتصادية الفاعلة من اجل تحسين مشاركة المجتمع الفعالة في تقدّم الإصلاح كما الحوار والتنسيق المؤسساتي للحدّ من مقاومة التغيير والإصلاح وضمان التنفيذ السليم للإصلاح على المستويات كافة”.
قيس
وأكد مدير “المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم” المحامي ربيع قيس أن “موضوع الشراء العام هو احد اهم القوانين والاصلاحات الاساسية المطلوبة من المجتمع الدولي الى جانب قانون استغلالية القضاء واصلاح الكهرباء”.
واشار الى ان “التطبيق الصحيح لقانون الشراء العام يؤدي الى تقليص الفساد وزيادة الشفافية في الاداراة العامة”، معلنا ان “المؤسسة ستطلق برنامجا جديدا لتطوير مجموعة من القوانين ذات الطابع الاقتصادي المتعلقة بقانون الشركات، الصغيرة والمتوسطة وغيرها”.
سليمان
من جهته، شدد مدير المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية الدكتور اندريه سليمان على ان “الشراء العام هو مدخل للاصلاح”، لافتا الى أن “جزءا من الازمة المالية والسياسية التي يعانيها لبنان اليوم هو نتيجة عدم تطبيق قانون الشراء العام بطريقة سليمة نتيجة الاعتبارات والمصالح الشخصية والسياسية كأزمة الكهرباء والنفايات وغيرها”.
العلية
وتساءل رئيس هيئة الشراء العام عن “القوانين التي تطبق في هذه الظروف الصعبة والدقيقة”، مشيرا الى ان “المواطن اللبناني اصبح حريصا اكثر من اي وقت على مراقبة الانفاق العام وان القانون اصبح ملائما للبلديات اكثر مع التعديلات التي طرأت عليه”.
معلوف
ثم عرض القاضي ايلي معلوف لاهمية القانون انطلاقا من الواقع والتحديات التي تواجهه واهمية تطبيقه بالشكل الصحيح.
الجسر
أما الجسر فأوضح أن “الإستفادة من هذا القانون رهن بتهيئة الكوادر الإدارية والفنية وتدريبها على حسن فهم القانون وتطبيقه”، مشددا على “ضرورة هذا التدريب والذي يجب أن يتناول كل من هو معني بتطبيق قانون الشراء العام بدءاً من هيئة الشراء العام التي لها في الأساس دوران: ناظم ورقابي، بالإضافة الى ان اختيار موظفيها وتدريبهم موضوع في غاية الأهمية”.
وشدد على أن “القوانين على سموها تبقى رهناً بتنفيذها، وان التنفيذ مرتبط بحسن اختيار الناس، بل اختيار المسؤولين السياسيين لقيادة العمل الإداري في تطبيق القوانين”.
مسرة
أما مسرة فأكد أن “قانون الشراء العام بحاجة الى درجة قصوى من الحذر لانه يرتبط بشكل مباشر بالمصلحة العامة اي اموال الضرائب التي يدفعها اللبنانيون”.
القوال
وختاما، قالت نقيبة المحامين في طرابلس: “بعد كلِّ الذي سمعناه من شرحٍ عميق وتفصيل دقيق، يصبح من بابِ لزومِ ما لا يلزم، أن أتحدث مجددا في تقنيات قانون الشراء العام، سواء لجهة البعد النظري في أحكامه، أم لجهة تطبيقاتِها العملية في مسار الحياة العامة، لأنني لن أضيف شيئًا على ما أفاض بشرحه المتكلمون الذين لم يتركوا البتةَ زيادةً لمستزيد. لذلك أتحاشى الذهابَ إلى تكرار ما قيل، ولو بأسلوبٍ آخر، وأدخلُ إلى هذا القانون من بابه الخلفي إلى حديقة بيته، طارحةً في مداخلتي مسائل ثلاثًا، تتعلق به حتمًا، كما بسواه من النصوص التي تشكل المنظومة التشريعية اللبنانية”.
اضافت: “أولى هذه المسائل، أن القوانينَ ينبغي لصاغتِها ان يكونوا على مستوى عالٍ من الحِرَفيّةِ والتخصص والإحاطة الواسعة الشاملة بالمادة موضوع التشريع، ولا سيما في حقل القانون المقارن. وهنا أسمحُ لنفسي، كنقيبةٍ للمحامين في طرابلس، بأن أنوّه بالحضور التشريعي المميز الذي حققه طيلة مدة ولاياته النيابية، واحدٌ من كبار نقابتِنا، معالي النقيب سمير الجسر، الذي ترك بصماتٍ واضحةً على النقاش العلمي الرصين عند دراسة مشاريع القوانين المختلفة واقتراحاتِها في اللجان المختصة وفي الهيئة العامة لمجلس النواب. وبعيدًا عن المواقف السياسية، لا بدَّ من الإشارة إلى أن تخليه عن دوره النيابي، ترك فراغًا في العمل التشريعي يصعبُ سدُّه”.
وتابعت: “في كلِّ حال، إن السرعة في تعديل القوانين، كما حدث بشأن قانون الشراء العام، وقبله قانونُ أصول المحاكمات الجزائية، لا تعكسُ بالضرورة تطورًا في المفاهيم القانونية والممارسات التطبيقية لتلك القوانين، اقتضى تعديلَها، بل ربما كان في الأمر أمورٌ أخرى، من هنا التأكيد الجازم على واجب المشرّع في إظهار نيته التشريعية بأدقِّ تعبيرٍ ممكن، وأوضحِ إحاطةٍ يستطيعُها، كي لا يترك المجال واسعًا أمام التفسيرات التي قد تخالفُ أحيانًا مقاصدَه”.
وقالت: “أما المسألة الثانيةُ التي أود الإشارة إليها باقتضاب، هي أن القوانين مهما كانت جيدةً، تبقى أولًا وأخيرًا منوطةً بحسن نية من يتولى تفسيرَها وتطبيقَها. وفي مثلِ هذا المعنى قال العلامة القانوني الفرنسي ليون دو غي ما تعريبه “لا يكون تطبيقُ الدستور إلا بحسن نية رئيس الجمهورية وولائهه”، فالأصل في كلِّ شيْءٍ المرجع المولج بالتطبيق، وهو في قانون الشراء العام الجهة الإدارية المركزية أو المحلية. فإما أن يكون هذا المرجع عالِمـًا متجرِّدًا فيجيدَ صنعًا، وإمّا أن يبيِّتَ قصدًا أو جهلًا أو تقصيرًا، فيَلوي عنقَ النص مطبقًا إياه على غير وجهه الصحيح، تحت ذرائع وتعليلاتٍ عديدة. هذا تعالجه الرقابة المتشددة، التي ينبغي أن تكون دائمًا على أهبة التدخل لمعالجة الخلل، على أن تتزامن بشأنها الرقابةُ على الصفقة مع الرقابة على الشخص الموظف، كي لا يستغلَّ موقعه في ما يخالف القانون، وبخاصةٍ في وطننا الذي استشرى فيه الفسادُ على الصعد كافةً، أو يكاد”.
اضافت: “هذا يقود إلى طرح المسألة الثالثة المتعلقة بالسلطات الرقابية، وعلى رأسِها القضاء، وهنا ما أوسعَ الجرحَ وأشدَّ الشكوى، لا من القضاةِ، بل من الأحوال العامة التي يؤدون فيها رسالتَهم السامية في إحقاق العدالة. إن تحصين القضاء واجبٌ السلطةِ القضائية أولًا، في أن تعملَ على تحصين نفسِها بنفسِها، لأن هذا شرطٌ أولُ شديدُ الضرورة لتعافي الوطن، فليس لأحدٍ أن يتوقَّعَ دولةً سليمةً بلا قضاء سليم”.
وختمت: “هذه خواطرُ عرَضَت، قد تكون خرجت بي عن الموضوع، أو تركتني في جواره، ما هم، ألم أقل لكم من البداية إنني سأدخلُ من الباب الخلفي إلى حديقة هذا القانون لا إلى صَحْنِه”.