عقد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اجتماعا بهيئتيه الشرعية والتنفيذية برئاسة العلامة الشيخ علي الخطيب نائب رئيس المجلس، الذي استهل الجلسة بقراءة الفاتحة عن أرواح الشهداء “الذين قضوا على يد الاحتلال الصهيوني خلال عدوانه على غزة خصوصا الشهداء المقاومين والمدنيين في لبنان وفلسطين”. وقدم التهنئة للبنانيين عموما والمسلمين خصوصا باقتراب حلول شهر رمضان المبارك.
في مستهل الإجتماع، أشار البيان الصادر بعد الاجتماع، الى “ان العلامة الخطيب اطلع المجتمعين على التحركات التي قام بها خلال الأشهر الأخيرة، خصوصا على ضوء العدوان الصهيوني على لبنان وفلسطين، وكذلك الزيارة إلى كل من دولة العراق الشقيق والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتحضيرات الجارية للقيام بزيارات أخرى إلى الخارج”.
وأكد العلامة الخطيب “استمرار مسيرة المجلس على خطى سماحة الامام المؤسِّس السيد موسى الصدر ورؤاه الوطنية والإيمانية والإنسانية، التي تجسدت بكل أمانة ومسؤولية في مسيرة رفيقي درب الامام الصدر، الامام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين والامام الراحل الشيخ عبد الامير قبلان”.
وتناول العلامة الخطيب الحرب الدائرة على غزة والشعب الفلسطيني وارتداداتها على لبنان والعالم العربي، وأكد “أن المجلس على عهده في نصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته في وجه الاحتلال الاسرائيلي الذي يمارس أبشع أشكال الاجرام ضد هذا الشعب”.
ثم تداول المجتمعون في تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة، واختتم الاجتماع بإصدار البيان الآتي الذي تلاه النائب الثاني لرئيس المجلس الدكتور ماهر حسين :
أولا: يدين المجلس العدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني، والمجازر التي ترتكبها قوات الإحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين منذ ما يزيد عن خمسة أشهر من دون وازع أو رادع، وهو يحيي المقاومين الصامدين في غزة، ويطالب العالم بوقف هذه الحرب المجرمة التي تخالف كل المواثيق الدولية وأحكام القانون الدولي الإنساني وتمثل جرائم دولية، وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني، وإعادة الإعمار بما يضمن للشعب الفلسطيني عيشا كريما في أرضه وممتلكاته، وتحقيق تطلعاته المشروعة في تقرير مصيره بإقامة دولته على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس.
ويستغرب المجلس ويأسف شديد الأسف حيال الموقف العربي الرسمي تجاه عملية الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والمخططات الواضحة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ويرى أن لبنان واحد من الأماكن التي تستهدفها هذه المخططات لتوطين الفلسطينيين وهو ما يرفضه الشعبان اللبناني والفلسطيني.
ثانيا: يرى المجلس أن من واجب العرب والمسلمين وكل حر في هذا العالم، أن يقوم بدوره في العمل على إيقاف هذا العدو عن الاستمرار في القتل والذبح والتجويع للشعب الفلسطيني، وتعريضه لنكبة جديدة والاستهداف المستمر للمقدسات خصوصا في القدس الشريف، ولم يعد خافيا تآمر ما يسمى المجتمع الدولي ونفاقه وتواطؤه مع العدو الصهيوني في العدوان على الشعب الفلسطيني، وتأييده العملي لما يقوم به من المجازر الرهيبة. ففي الوقت الذي يتحدث فيه زورا وكذبا عن مواعيد لوقف القتال، يتبادل الغرب الادوار لمنح العدو الفرصة تلو الاخرى، معطلا أي قرار يصدر عن مجلس الأمن لوقف القتال، وهو ما تتحمل الولايات المتحدة الاميركية المسؤولية الأولى عنه لأنها قادرة لو أرادت على وقف الحرب. فإن المجلس يحيي كل الدول والهيئات والمنظمات والشعوب التي وقفت متضامنة مع الشعب الفلسطيني ضد عمليات الابادة الجماعية.
ثالثا: يؤكد المجلس أن المقاومة التي أسسها الامام السيد موسى الصدر دفاعا عن لبنان وكل اللبنانيين، أصبحت اليوم ضمانة وطنية لحفظ سيادة لبنان وثرواته وردع العدوان عنه، وأن التحريض عليها يخدم أهداف العدو الاسرائيلي المتربص شرا بلبنان. وكما حقق لبنان بمقاومته وجيشه وشعبه الانتصارات الكبرى في مواجهة الارهاب الصهيوني والتكفيري، فإنه سينتصر في معركته الحالية وسيفشل مكائد العدو ومن يقف خلفه.
رابعا: يتوجه المجلس بالتحية والإكبار للمقاومين الأبطال الذين يتصدون للعدوان الاسرائيلي على لبنان، ويساندون أخوانهم في قطاع غزة، ويعتبر ذلك في صلب مهام المقاومة الشريفة وقدر أهل الجنوب أن يكونوا على الخطوط الأمامية في مواجهة العدو الصهيوني ومشروعه التوسعي، وأن يتصدوا دائما لهذا العدو ويقدموا أغلى التضحيات، وهم الذين تبنوا قضية الشعب الفلسطيني منذ بدايتها، وكان الإمام المغيب السيد موسى الصدر حامل لواء هذه القضية العادلة.
خامسا: ينوه المجلس بمواقف دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري في هذا المجال، كما يحيي موقف الحكومة اللبنانية التي تم التعبير عنها بما صدر عن دولة رئيس مجلس الوزراء، كما يبارك المجلس شهداء المقاومة وتضحيات المدنيين الذين ارتقوا في سبيل وحدة لبنان وسيادته وكرامته.
سادسا: يتوجه المجلس بأعلى درجات التقدير للموقف الشعبي المقاوم الذي عبر عنه أبناء الجنوب خصوصا القرى الحدودية، الصامدين والنازحين الذين لاقوا التضامن والاحتضان في القرى والبلدات والأحياء التي اضطروا للانتقال إليها في الجنوب والضاحية.
إن ممارسة العدو لسياسة التدمير للمنازل والمنشآت واستهداف المدنيين لن يمكِّنه من ثني أبناء الجنوب عن التمسك بخيارهم في المقاومة دفاعا عن سيادة لبنان وكرامته وحماية شعبه وأرضه، وهذا هو موقفهم التاريخي وهم متمسكون دائما بهذا الخيار الذي أعزهم وحرر أرضهم وحماهم وأنجز لهم الانتصارات الوطنية التي أعطت للبنان موقعه القوي وحققت له العزة والكرامة ولم يعد بلدا ضعيفا يستجدي الحماية من الخارج بل وضعت الدولة اللبنانية على خارطة الدول المؤثرة في الإقليم، إننا في الوقت الذي نُحيي الإحتضان الشعبي للنازحين، فإن ذلك لا يعفي الدولة من مسؤولياتها إتجاه شعبها وهي معنية بالتصدي لآثار العدوان، وعلى الدولة القيام بكل ما أمكن لتوفير سبل الصمود وتحمل المسؤولية الاجتماعية والإنسانية.
سابعا: يتوجه المجلس بنداء إلى المرجعيات الدينية في العالم أجمع وخصوصا في العالم الإسلامي وإلى علماء الأمة وقواها الحية من أجل رفع الصوت عاليا للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتقديم كل أشكال المساندة والدعم لهذا الشعب المظلوم ولم يعد من الجائز الإكتفاء ببعض بيانات الإدانة والإستنكار في الوقت الذي يمعن الصهاينة في القتل والتدمير.
ثامنا: يشدد المجلس في ظل الازمات الداخلية والاخطار الخارجية المحدقة بلبنان على ضرورة التلاقي بين القوى السياسية اللبنانية والروحية على كلمة سواء، لإنقاذ البلد مما يتخبط فيه، وذلك عبر المسارعة إلى التلاقي لانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة تعالج الأزمة المالية والاقتصادية.
ويطالب المجلس حكومة تصريف الأعمال ببذل أقصى الجهود لإنصاف المواطنين في مداخيلهم التي تلاشت بفعل الإنهيار الإقتصادي والمالي، وتحسين الخدمات العامة في كل المجالات، وحفظ حق المودعين بإستعادة حقوقهم”.