أشار رئيس التيار “الوطني الحر” النائب جبران باسيل في كلمة القاها عقب ترؤسه الاجتماع الدوري للمجلس السياسي للتيار الى أننا “ننظر لموضوع سقوط النظام السوري من زاوية مصلحة لبنان أولا وأخيراً”، مشدداً على ما قام به “التيار الوطني الحر” منذ اللحظة الأولى في سبيل معرفة مصير المفقودين والمخطوفين”.
وعرض باسيل “للفرص والمخاطر التي يمكن ان تتأتى من هذا التغيير الكبير في سوريا”. موضحا أنه “على صعيد الفرص، فالناس الذين كانوا ينظرون الى الوجود السوري كوصاية أو كاحتلال ونحن على رأسهم من الطبيعي أن يروا بسقوط النظام السوري اعادة اعتبار لهم للظلم الذي قام به بحق لبنان، ويجدون ان هناك فرصة للبنان للتخلص من نظام جائر على حدودنا يمكن ان يتسبب لنا بنفس الضرر السابق اذا سمحت له الظروف بهذا الشيء”.
وأكد: “ولكن نحن احتفلنا يوم خرج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، وهذا هو الاحتفال الفعلي ولكن احتفالات اليوم نتفهمهما”، متوجهاً الى المحتفلين اليوم بالقول: ” خوفي ان تكونوا ترقصون كمن يرقص على قبره وأن يأتي يوم وتندمون على ذلك”.
وشدد باسيل على أنه “لا داعٍ ولا تبرير لبقاء اي سوري نازح على الارض اللبنانية، ومن هنا يجب عودتهم سريعا الى بلدهم ، ولا حجة لأحد خاصة في المجتمع الدولي لعدم تحقيق هذه العودة الفورية، ومن هنا ندعو المفوضية العليا للاجئين السوريين الى اقفال ملف النزوح السوري ووقف المساعدات لهم في لبنان الا على مساعدتهم على عودتهم الى بلدهم والبدء فورا بتطبيق اجراءات العودة”.
ورأى أنه “من السهل اعتبار أن رحيل النظام يفتح الباب للإتيان بنظام جديد يجمع السوريين ويتمتع بالديمقراطية واكثر انفتاحا على المجتمع الدولي، مما يعني وجود جار للبنان يتمتع بمعايير أعلى من الديموقراطية وحقوق الانسان وبالتالي جار يشبه لبنان أكثر”، مشيرا الى أنه “من الجائز الإعتبار أن الإتيان بنظام مقبول من المجتمع الدولي سيرفع العقوبات والحصار عن سوريا وسيساعد بانفتاحها على الاسواق العالمية وستبدأ مرحلة اعادة الاعمار، وهذا الامر فيه الكثير من الايجابيات لسوريا وفرص للبنان واللبنانيين للعمل بسوريا والاستثمار فيها والاستفادة من رفع الحصار عنها”.
وقال: “يجوز اعتبار أن اسقاط النظام في سوريا سيقطع التواصل بمحور المقاومة، وهذا الامر سيصعب امداد “حزب الله” بالسلاح، وبالتالي يوقف اعتبار لبنان جزءا من محور المقاومة يدخل بسياساتها، ولو كان في بعض الاوقات لا تصب بمصلحته وهذا يمكن ان يساعد لبنان على تحييد نفسه عن سياسة المحاور والحروب، وهذا مطلبنا شرط ان لا يستفيد المحور الآخر من الامر ليأتي بلبنان الى محوره وهنا نقع بسياسات يمكن ان لا تخدم وحدتنا الوطنية”.
أما من ناحية المخاطر، فرأى باسيل انه “مفهوم ان يكون هناك لبنانيون حاربوا عسكريا وسياسيا واعلاميا لبقاء هذا النظام، وطبيعي ان يحزنوا لرحيله او يعتبروا ان هذا الامر يستهدفهم لعزلهم وحصارهم، وبالتالي يمكن ان تكون ردة فعلهم مزيدا من التشدد بسياساتهم الداخلية لاثبات ان قوتهم السياسية لا تتأثر، وبالتالي يؤدي هذا الامر الى مزيد من الانقسام الداخلي ويعمق الازمة السياسية في لبنان ويصعب الحل”.
وأكد باسيل أنه “من الطبيعي ان يتحرك الخوف الوجودي لدى كل المكونات التي تخشى سيطرة الفصائل الاسلامية المسيطرة على سوريا”، موضحاً: “يمكن ان تكون تطمينات هؤلاء من باب ان “يتمسكنوا حتى يتمكنوا” وهذا امر يولد حالة دفاعية بلبنان، ويذكرنا بحالة سابقة نتمنى ألا تتكرر عندما احتل بعض هؤلاء اجزاء من شرق لبنان مما اضطر الجيش والمقاومة لشن حملة عسكرية سميت “فجر الجرود” من أجل تحرير الأراضي، لذلك ندعو القوى الامنية وعلى رأسها الجيش لاتخاذ الإجراءات لمنع تكرار ما حصل في السابق من نزوح او احتلال او اعتداء على أي لبناني”.
وشدد على انه “يمكن اعتبار ان ما يحصل من تقاسم نفوذ في سوريا لقوى محلية متعددة عرقية او طائفية او قوى خارجية قد يؤدي الى تقسيمها او يمس بوحدة اراضيها، ويمكن ان يشكل عدوى تصيب لبنان وتؤدي الى ايقاظ احلام التقسيم فيه وهذا فيه خطر تأسيسي تكويني على لبنان”.
واضاف: “ايضا من البديهي ان نقول ان الخوف من رحيل نظام علماني سيهدد وجود الاقليات في سوريا ويخيفها لدرجة هجرتها او تركها لأرضها وهذا الشيء بدأنا نراه عند بعض المجموعات ويهدد الوجود المسيحي في الشرق ويضرب فكرة التعدد والتنوع بالمشرق”.
وتابع: “ايضا يمكن أن تكون نتيجة هذا الشيء احياء مشاريع شبيهة ب”الربيع العربي” ويمكن ان يتمدد للعراق والأردن ولبنان والله اعلم، ما يعني قيام نظام اكثر قمعا للحريات وحقوق الانسان من النظام القائم وهذا فيه ضرر على لبنان”.
ورأى باسيل انه “في ضوء هذه المخاطر والفرص المتفاوتة من الافضل للبنان ان يبعد نفسه عما يحصل في سوريا ولا هي تتدخل في شؤونه وأن نعمل لبناء علاقات جيدة معها أيا كان نظامها”.
وقال: “البعض لم يتعلم من الماضي ويطلق مواقف كأنه جزء من التغيير بسوريا، وحان الوقت ليهتم اللبنانيون ببلدهم وتتغير قاعدة التعاطي مع الخارج وأقل ما ننتظره من سوريا أن تحترم سيادتنا وتقيم معنا علاقات دبلوماسية اقتصادية، وأن نعمل معها بأكثر اهلية لنقوم معها بمشروع اقتصادي، ونريد ان نرى تعاوناً سورياً لبنانياً لترسيم الحدود البرية والبحرية، من جهة لتأكيد حقوقنا بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ومن جهة اخرى من أجل حسن استثمار ثرواتنا النفطية والغازية”.
واشار باسيل الى ان “البعض اختار استغلال ما حصل للتهجم على “التيار الوطني الحر” والمس به للاستفادة من الذي حصل”، مضيفا: “لهذا البعض نقول “بموضوع الوصاية والاحتلال السوري اين كنتم عندما كنا نعتبر السوري احتلالاً ووصاية وكنتم تعتبرونه ضروريا وشرعيا. أنتم كنتم بالسلطة تقدمون للسوري مفتاح بيروت عندما كنا بالمنفى والسجون، انتم في الزمن السوري دخلتم الحكومات وعينتم نوابا وبعتم سلاحا، في الوقت الذي نحن لم نسلم للاحتلال لا بوزارة ولا بنيابة ولا بسلاح الجيش ولم نعط السوري اي شرعية”.
وقال: “سوريا كانت قبلتكم، وفي 1994 “عزيتم” في عز الوصاية ونحن لم نذهب الى سوريا الا بعد خروج الجيش السوري من لبنان واقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان. انتم تشاركتم مع الجيش السوري بضرب الجيش اللبناني وقصف قصر بعبدا رمز الشرعية، في وقت كان يسقط لنا شهداء لمنع الاحتلال من السيطرة على قرارنا كما أن آباءكم أصبحوا ووزاء ونواباً بتعيين مباشر من الوصاية في الوقت الذي نحن قاومنا سياسيا ومدنيا وعندما قدمنا ترشيحنا كان بوجه الوصاية”.
وأضاف: “قمتم بالتحالف الرباعي مع سوريا لتثبتوا وجودكم بالسلطة ونحن واجهنا تحالفكم لنؤكد استقلالنا عن سوريا. انتم قمتم ب14 آذار موسمي، ونحن كنا فيه وانتم خرجتم منه، ونسيتم الذكرى ونحن منذ 1989 الى اليوم نحتفل بذكرى حرب التحرير ضد الاحتلال. انتم زحفتم الى سوريا في ظل وصايتها وحملتم الهدايا وبعتم انفسكم لحكامها ونحن واجهناها وحدنا”.
وتابع: “اما في موضوع المفقودين قسرا بالسجون السورية، فكل رؤساء جمهورية لبنان ذهبوا الى سوريا ولم يستطيعوا فعل أي شيء بموضوع المفقودين بدءا من الرئيس سليمان فرنجية وصولا الى الرئيس ميشال سليمان مرورا بالرئيس أمين الجميل، اما الرئيس ميشال عون فلم يذهب الا مرة وقبل ان يكون رئيساً ولم يطالب الا بموضوع المفقودين”.
وأوضح باسيل: “انا كنت شاهدا، لأنني خلال زيارتنا الى سوريا تحدثنا مطولا مع الرئيس بشار الاسد بموضوع المفقودين، ولدينا الملف لأن غازي عاد ابن التيار هو أساس هذا الملف. كل رؤساء جمهورية لبنان ووزراء خارجيته ذهبوا الى سوريا ووحده الرئيس ميشال عون لم يذهب الى سوريا عندما كان رئيسا وانا عندما كنت وزير خارجية”.
وقال: “لم نستكن بموضوع المفقودين الا عندما أخذنا كلاماً جازماً بأنه لا يوجد اي معتقل سياسي لبناني بسوريا، حتى سهيل حموي الذي افرج عنه اعتقل عام 1991 وهو سوري اخذت عائلته لاحقا الجنسية اللبنانية، ولكن بالرغم من الكلام الجازم لم نستكن بل قدمنا قانوناً، اذ هناك مسجونون لبنانيون ما بعد الحرب، وهذا الامر قاله وزير العدل “القواتي” ابراهيم نجار عندما زار سوريا برفقة رئيس الحكومة سعد الحريري.
وأضاف باسيل: “الرئيس بشير الجميل ذهب الى سوريا، وسمير جعجع ذهب الى سوريا في العام 1994 ولم يطالب بأي معتقل، وهو قال انه طالب بـ بربر عيسى الخوري، وافرج عنه السوريون كهدية لزيارته. من 1990 الى 2005 لم يذكر موضوع المفقودين قسراً ببيان الحكومات، ولم يتم التحدث بهذا الموضوع الا عندما دخل التيار الى الحكومة في العام 2008″، لافتا الى ان “أول من تكلم بالموضوع من على منبر مجلس النواب كان العماد عون عندما اصبح نائبا في العام 2005”.
وأكد: “اذا ظهر أحد من المفقودين والمخفيين سنكون اول الفرحين، وحتى لو ظهر ذلك، هل يكون الاعتقال مسؤولية التيار والرئيس عون او مسؤولية من احتجزهم، ومن قام في تلك الأيام بأعمال قتل واحتجاز ميليشياوية خارجة عن القوانين الدولية؟”.
وشدد على ان “ما يقومون به اليوم هو ترويج كاذب لخروج معتقلين مسيحيين حزبيين من أيام الحرب، في الوقت الذي لم يتأكد هذا الامر الى الان، من يقوم بهذا الامر يقتل اهالي المعتقلين ويكذب عليهم ويؤملهم ليربح بالسياسة عطف الناس، فلننتظر “الهيئة الوطنية للمخفيين قسرا” وهي الجهة المعنية بجمع المعلومات، وقد كلّفنا انشاؤها جهد 10 سنوات متواصلة بسبب رفض الأحزاب اللبنانية وخوفها من كشف حقائق حول جرائم القتل والاخفاء التي ارتكبتها الميليشيات”.
وتابع: “نحن لم نتاجر بموضوع المفقودين والمخفيين، بل عملنا واجبنا بجدّيّة وكنا وراء تقدم الملف في سبيل الحقيقة واكتشاف المقبرة الجماعية في وزارة الدفاع في اليرزة ، امّا غيرنا فلم يقم به الاّ للبروباغندا”.
وختم باسيل مؤكدا “ان ما يهمنا كلبنانيين اليوم هو إعادة بناء الدولة، كي نقدر ان نكون دولة سوية مع الدولة السورية الموعودة، وهذا يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية يجمع كل اللبنانيين حوله وحول مشروع وطني واحد ولا يقسمهم، هذا الامر يجب أن يتم في التاسع من كانون الثاني كحدٍّ أقصى بحيث نسميه رئيسًا توافقيًّا كي نتفاهم ولا ننقسم على بعضنا”، موضحا أنه “سيستأنف حركة الاتصالات غدًا مع الكتل النيابية كافة وصولًا الى هذا الهدف”.